05-04-2024, 03:01 PM
يقول الشاعر بدر شاكر السياب بقصيدته الشعرية:
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحر أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر عيناكِ حين تبسِمان تورِقُ الكُروم وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهر يرجُّه المجداف وهناً ساعة السَّحر كأنما تنبضُ في غوريهما النّجوم أنشودة المطر مطر .. مطر .. مطر تثاءبَ المساء والغُيوم ما تزال تسِح ما تسِح .. مِن دُموعِها الثقال كأنَ أقواسَ السَّحاب تشرب الغُيوم وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر وتغرقانِ في ضبابٍ مِن أسن شفيف كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء .. دفءُ الشِتاء وارتِعاشةُ الخريف ويهطُلُ المطر مطر .. مطر .. مطر أتعلمين أيَ حُزنٍ يبعث المطر وكيف يشعُرُ الوحيدُ فيه بالضَّياع كأنَّ طِفلاً باتَ يهذي قبل أن ينام بأن أُمَّه التي أفاقَ مُنذُ عام .. فلم يجدها ثُم حين لجَّ في السؤال قالوا له: بعدَ غدٍ تعود .. لابدَّ أن تعود فتستفيقُ مِلءَ روحي نشوةُ البُكاء ورعشةٌ وحشيةٌ تُعانِقُ السَّماء كرعشةِ الطِفلِ إذا خافَ مِن القمر مطر .. مطر .. مطر