17-03-2023, 10:02 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ورد في القرآن الكريم أكثر من (140) قصة، تناولت موضوعات متنوعة، منها: بدء الخلق، وقصص الأنبياء، وتكذيب وإهلاك أقوامهم، ولم يكن المقصد من القصة خلق المتعة أو التسلية، ولكن كان لها غايات إرشادية وتربوية لهداية الناس إلى السنن الكونية والتشريعية في تاريخ الإنسان، والقوانين التي تحكم الاجتماع الإنساني، والتي ستظل ملازمة للبشر حتى قيام الساعة، فلم تأت قصة من قصص القرآن عبثا، لكن ورودها كان لحكمة في إصلاح حركة الإنسان في الحياة. وقد تعرض القصص القرآني لهجمات وطعون منذ نزول القرآن الكريم، فقيل عن قصصه أنها أساطير وأكاذيب، وأنها مختلقة ومنتحلة، وهي افتراءات لازمت القصص القرآني مع الاستشراق الذي أعاد تكرار كثير منها، محاولا منحها قدرا من المنهجية والعلمية. وفي محاولة لدحض افتراءات المستشرقين يأتي كتاب “القصص القرآني في مرآة الاستشراق: دراسة نقدية” للدكتور محمود كيشانه، والصادر عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، عام 2020، في 160 صفحة، ضمن سلسلة “القرآن في الدراسات الغربية”. خصوصية القرآن في القصص تجاهل أغلب المستشرقين خصوصيات القصص القرآني، فشككوا في مصدريته، وزعموا أنه مستقى من قصص الكتب السابقة، وأساطير الحضارات والأمم الأخرى، وزعم آخرون أن القصص القرآني يحوي على تناقض، ومخالف لمعطيات العلم والتاريخ، وذهب اتجاه ثالث أن القصص القرآني ضعيف فنيا، لوجود تكرار في بعض قصصه، وغموض في بعض مواضعه، والإيجاز الشديد في بعض القصص، والإعراض في كثير من الأحيان عن ذكر الحوادث والوقائع. ونسج المستشرقون مبكرا أوجه شبه بين القصص التوراتي والانجيلي وبين القصص القرآني، واعتبار قصص التوارة والإنجيل هي المرجعية عند النظر إلى القصص القرآني، وتأثرت بعض الاتجاهات العربية خاصة الحداثيين بمناهج المستشرقين، وألصقوا بالقصة القرآنية الكثير من الشبهات، منها: التشابه، والتكرار، والاقتباس من الكتب السماوية السابقة. وقد اهتم الاستشراق اليهودي بالقصص القرآني، من زاوية التشابه بين القصص القرآني وقصص التوراة والإنجيل، مثل المستشرق “أوري روبين” uri rubin في ترجمته لمعاني القرآن، إذ حاول رد القصص القرآني إلى مصادر يهودية ومسيحية ووثنية، ويصر “روبين” أن القرآن اقتبس من سفر التكوين قصة الخلق، رغم الاختلافات الجوهرية بين القصتين، فالقرآن الكريم ينزه الخالق سبحانه وتعالى عن التشبه بالبشر فيما يتعلق بالتعب والراحة، على خلاف ما جاء في سفر التكوين الذي زعم باستراحة الخالق في اليوم السابع. ويعد “روبين” من أبرز المستشرقين المعاصرين الذين ركزوا على قضية التأثير اليهودي والمسيحي في القصص القرآني، خاصة كتابه :”بين الكتاب المقدس والقرآن”، زاعما أن القرآن يسير على نهج الكتاب المقدس في قصصه، ليصل إلى نتيجة مفادها أن القرآن مأخوذ من الكتب السابقة، ومن ثم يصبح القرآن منتج بشري. والحقيقة أن “روبين” يشير إلى المتشابه بين القرآن والكتاب المقدس في القصص، لكنه يغفل القضايا الأساسية والكبرى المختلفة بينهما، التي تؤكد استقلالية القرآن في قصصه، كذلك فإن كان زعم “روبين” صحيحا في اقتباس القرآن من التواره في قصصه، فلماذا أعرض القصص القرآني عن الأخطاء التاريخية في القصص التوراتي، ولم يذكرها في سرده للقصة؟! يضاف إلى ذلك أن الراوي في القصة القرآنية لموسى عليه السلام، هو الله سبحانه وتعالى، أما في التوراة فهو شخص جاء بعد وفاة موسى-عليه السلام بأربعة قرون، وللمستشرق اليهودي “إبراهام جايجر” كتاب بعنوان “ما الذي اقتبسه محمد من اليهودية؟”، وهذا الاستشراق أسس لقاعدة راسخة توالى تكرارها، وهي: أن القصص القرآني مقتبس من العهد القديم.
ورد في القرآن الكريم أكثر من (140) قصة، تناولت موضوعات متنوعة، منها: بدء الخلق، وقصص الأنبياء، وتكذيب وإهلاك أقوامهم، ولم يكن المقصد من القصة خلق المتعة أو التسلية، ولكن كان لها غايات إرشادية وتربوية لهداية الناس إلى السنن الكونية والتشريعية في تاريخ الإنسان، والقوانين التي تحكم الاجتماع الإنساني، والتي ستظل ملازمة للبشر حتى قيام الساعة، فلم تأت قصة من قصص القرآن عبثا، لكن ورودها كان لحكمة في إصلاح حركة الإنسان في الحياة. وقد تعرض القصص القرآني لهجمات وطعون منذ نزول القرآن الكريم، فقيل عن قصصه أنها أساطير وأكاذيب، وأنها مختلقة ومنتحلة، وهي افتراءات لازمت القصص القرآني مع الاستشراق الذي أعاد تكرار كثير منها، محاولا منحها قدرا من المنهجية والعلمية. وفي محاولة لدحض افتراءات المستشرقين يأتي كتاب “القصص القرآني في مرآة الاستشراق: دراسة نقدية” للدكتور محمود كيشانه، والصادر عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، عام 2020، في 160 صفحة، ضمن سلسلة “القرآن في الدراسات الغربية”. خصوصية القرآن في القصص تجاهل أغلب المستشرقين خصوصيات القصص القرآني، فشككوا في مصدريته، وزعموا أنه مستقى من قصص الكتب السابقة، وأساطير الحضارات والأمم الأخرى، وزعم آخرون أن القصص القرآني يحوي على تناقض، ومخالف لمعطيات العلم والتاريخ، وذهب اتجاه ثالث أن القصص القرآني ضعيف فنيا، لوجود تكرار في بعض قصصه، وغموض في بعض مواضعه، والإيجاز الشديد في بعض القصص، والإعراض في كثير من الأحيان عن ذكر الحوادث والوقائع. ونسج المستشرقون مبكرا أوجه شبه بين القصص التوراتي والانجيلي وبين القصص القرآني، واعتبار قصص التوارة والإنجيل هي المرجعية عند النظر إلى القصص القرآني، وتأثرت بعض الاتجاهات العربية خاصة الحداثيين بمناهج المستشرقين، وألصقوا بالقصة القرآنية الكثير من الشبهات، منها: التشابه، والتكرار، والاقتباس من الكتب السماوية السابقة. وقد اهتم الاستشراق اليهودي بالقصص القرآني، من زاوية التشابه بين القصص القرآني وقصص التوراة والإنجيل، مثل المستشرق “أوري روبين” uri rubin في ترجمته لمعاني القرآن، إذ حاول رد القصص القرآني إلى مصادر يهودية ومسيحية ووثنية، ويصر “روبين” أن القرآن اقتبس من سفر التكوين قصة الخلق، رغم الاختلافات الجوهرية بين القصتين، فالقرآن الكريم ينزه الخالق سبحانه وتعالى عن التشبه بالبشر فيما يتعلق بالتعب والراحة، على خلاف ما جاء في سفر التكوين الذي زعم باستراحة الخالق في اليوم السابع. ويعد “روبين” من أبرز المستشرقين المعاصرين الذين ركزوا على قضية التأثير اليهودي والمسيحي في القصص القرآني، خاصة كتابه :”بين الكتاب المقدس والقرآن”، زاعما أن القرآن يسير على نهج الكتاب المقدس في قصصه، ليصل إلى نتيجة مفادها أن القرآن مأخوذ من الكتب السابقة، ومن ثم يصبح القرآن منتج بشري. والحقيقة أن “روبين” يشير إلى المتشابه بين القرآن والكتاب المقدس في القصص، لكنه يغفل القضايا الأساسية والكبرى المختلفة بينهما، التي تؤكد استقلالية القرآن في قصصه، كذلك فإن كان زعم “روبين” صحيحا في اقتباس القرآن من التواره في قصصه، فلماذا أعرض القصص القرآني عن الأخطاء التاريخية في القصص التوراتي، ولم يذكرها في سرده للقصة؟! يضاف إلى ذلك أن الراوي في القصة القرآنية لموسى عليه السلام، هو الله سبحانه وتعالى، أما في التوراة فهو شخص جاء بعد وفاة موسى-عليه السلام بأربعة قرون، وللمستشرق اليهودي “إبراهام جايجر” كتاب بعنوان “ما الذي اقتبسه محمد من اليهودية؟”، وهذا الاستشراق أسس لقاعدة راسخة توالى تكرارها، وهي: أن القصص القرآني مقتبس من العهد القديم.