• 0 أصوات - بمعدل 0
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الأمم المتحدة
#1
منظمة الأمم المتحدة، وتعرف اختصارًا بالأمم المتحدة، هي مُنظمة حُكومية دَولية وواحدة من أكبر وأشهر المنظمات الدولية في القرن العشرين، تأسَّست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، وقد حدَّد ميثاق الأمم المتحدة الغاية من تأسيسها بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين عن طريق اتخاذ تدابير جماعية فعَّالة لمنع وإزالة الأخطار التي تهدد السلام، وإلى تنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، بالإضافة لأن تكون مركزًا لتنسيق أعمال الدول في تحقيق هذه الغايات المشتركة. يقع المقر الرئيسي للأمم المتحدة على أرض دولية (حصانة محلية) في مدينة نيويورك، ولها مكاتب رئيسية أخرى في جنيف ونيروبي وفيينا ولاهاي.

تأسست الأمم المتحدة (خلفًا لعصبة الأمم) بهدف منع الحروب مستقبلًا، ففي 25 أبريل 1945 اجتمعت 50 دولة في سان فرانسيسكو وعقدت مؤتمرًا لصياغة ميثاق الأمم المتحدة، والذي اعتُمد في 26 يونيو 1945 ودخل حيِّز التنفيذ في 24 أكتوبر 1945 وهو نفس التاريخ الذي باشرت فيه الأمم المتحدة عملها. تشمل أهداف المنظمة وفقًا للميثاق الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وحفظ حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة، ودعم القانون الدولي. بلغ عدد الدول الأعضاء عند تأسيس المنظمة 51 دولة، ومع انضمام جنوب السودان عام 2011 أصبح عدد الدول الأعضاء في المنظمة 193 دولة يمثلون تقريبًا جميع الدول ذات السيادة في العالم.

كانت مهمة المنظمة في الحفاظ على السلام العالمي معقَّدة في سنواتها الأولى بسبب الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهما. تألَّفت بعثاتها في المقام الأول من مراقبين عسكريين غير مسلحين وقوات مسلحة بأسلحة خفيفة، وتولَّت المتابعة والإبلاغ وبناء الثقة بالدرجة الأولى.

نمت عضوية الأمم المتحدة بشكل ملحوظ بعد إنهاء الاستعمار واسع النطاق منذ ستينيات القرن العشرين. ومنذ ذلك الحين نالت 80 مستعمرة سابقة استقلالها بما في ذلك 11 إقليمًا مشمولًا بالوصاية وظلت تحت رقابة مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة. بحلول سبعينيات القرن العشرين تجاوزت ميزانية الأمم المتحدة المخصصة لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الإنفاق على حفظ السلام بكثير. حولت الأمم المتحدة عملياتها الميدانية ووسعتها بعد نهاية الحرب الباردة، إذ قامت بمجموعة متنوعة من المهام المعقدة.

تتكون الأمم المتحدة من ستة أجهزة رئيسية وهي: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية، والأمانة العامة. تضم منظومة الأمم المتحدة العديد من الوكالات المتخصصة والصناديق والبرامج مثل مجموعة البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسكو واليونيسيف. يجوز منح المنظمات غير الحكومية كذلك صفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والوكالات الأخرى للمشاركة في عمل الأمم المتحدة.

يعدّ الأمين العام كبير المسؤولين الإداريين في الأمم المتحدة، ويشغل المنصب حاليًا السياسي والدبلوماسي البرتغالي أنطونيو غوتيريش رئيس وزراء البرتغال الأسبق، الذي بدأ فترة ولايته للخمس سنوات الأولى في 1 يناير 2017 وأعيد انتخابه في 8 يونيو 2021. تحصل المنظمة على التمويل من خلال المساهمات المقررة والطوعية من الدول الأعضاء، وقد بلغت ميزانية الأمم المتحدة لعام 2020 ما يقارب 3,1 مليار دولار، ينفق جزء كبير منها على مهمتها الأساسية المتمثلة في إحلال السلام والأمن.

فازت الأمم المتحدة وموظفوها ووكالاتها بالعديد من جوائز نوبل للسلام، على الرغم من تباين التقييمات الأخرى لفعاليتها. يعتقد بعض المعلقين أن المنظمة قوة مهمة للسلام والتنمية البشرية، بينما وصفها آخرون بأنها غير فعالة أو متحيزة أو فاسدة.

تاريخ :

خلفية الأحداث
في القرن السابق لتأسيس الأمم المتحدة؛ تشكلت العديد من المنظمات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف ضمان الحماية والمساعدة لضحايا النزاعات المسلحة والصراعات.

في عام 1914، أدت عملية اغتيال لشخصية سياسية في سراييفو إلى إشعال شرارة سلسلة من الأحداث التي تسببت في النهاية باندلاع الحرب العالمية الأولى. ومع نزول المزيد والمزيد من الشباب إلى خنادق المعارك، بدأت الأصوات المؤثرة في بريطانيا والولايات المتحدة تدعو إلى تأسيس هيئة دولية دائمة للحفاظ على السلام في عالم ما بعد الحرب. كان الرئيس وودرو ويلسون مدافعًا صريحًا عن هذا المفهوم، وفي عام 1918 قام برسم تخطيطي للهيئة الدولية في نقاطه الأربعة عشر لإنهاء الحرب. في نوفمبر 1918 وافقت قوى المركز على هدنة لوقف القتال في الحرب العالمية الأولى، وبعد شهرين التقى الحلفاء في مؤتمر باريس للسلام للتوصل إلى شروط سلام رسمية واتفقوا على تأسيس عصبة الأمم. في صيف عام 1919 قدم ويلسون (معاهدة فرساي) و (ميثاق عصبة الأمم) إلى مجلس الشيوخ الأمريكي الذي رفض الموافقة على التصديق. في 10 يناير 1920 ظهرت عصبة الأمم رسميًا إلى الوجود عندما دخل ميثاق عصبة الأمم الذي صادقت عليه 42 دولة في عام 1919 حيز التنفيذ. عمل مجلس العصبة بصفته نوعاً من الهيئات التنفيذية بغرض الإشراف على أعمال الجمعية. بدأت العصبة بأربعة أعضاء دائمين وهم المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تنضم أبدًا إلى العصبة إلا أنها دعمت مهامها الاقتصادية والاجتماعية من خلال عمل المؤسسات الخيرية الخاصة وبإرسال ممثلين عنها إلى اللجان.

أثبتت عصبة الأمم عدم فعاليتها في الثلاثينيات بعد أن كانت قد حققت بعض النجاحات والإخفاقات خلال عشرينيات القرن الماضي، فشلت عصبة الأمم في فبراير عام 1933 في اتخاذ إجراءات لوقف الغزو الياباني لمنشوريا، إذ صوتت أربعون دولة في عصبة الأمم لصالح انسحاب اليابان من منشوريا ولكن اليابان صوتت ضد وقف الحرب وانسحبت من العصبة بدلاً من الانسحاب من منشوريا. كما فشلت عصبة الأمم في منع الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية بالرغم من محاولتها التفاوض مع بينيتو موسوليني الذي استغل الوقت لإرسال جيش إلى إفريقيا. وضعت عصبة الأمم خطة لموسوليني ليستولي على جزء صغير فقط من إثيوبيا، لكنه تجاهل العصبة وغزا إثيوبيا. حاولت عصبة الأمم فرض عقوبات على إيطاليا، لكن إيطاليا كانت قد غزت إثيوبيا بالفعل وكانت عصبة الأمم قد بدأت بالتفكك. أنسحبت إيطاليا ودول أخرى من العصبة بعد الغزو الإيطالي لأثيوبيا، وبعد أن أدركت الدول أنَّ عصبة الأمم فشلت بدأت الدول مرة أخرى في إعادة تسليح جيوشها بأسرع ما يمكن.

خلال عام 1938 حاولت بريطانيا وفرنسا التفاوض بشكل مباشر مع هتلر ولكن المفاوضات فشلت في عام 1939 عندما غزا هتلر تشيكوسلوفاكيا. وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 كانت مكاتب العصبة قد أُغلقت وبقي مقرها الرئيسي في جنيف فارغًا طوال الحرب.

تصريحات حلفاء الحرب العالمية الثانية
كانت الخطوة المحددة الأولى نحو تأسيس الأمم المتحدة هي مؤتمر الحلفاء الذي أدى إلى إعلان قصر سانت جيمس في 12 يونيو 1941. وبحلول أغسطس عام 1941 صاغ الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ما عرف بـ (ميثاق الأطلسي) لتحديد أهداف عالم ما بعد الحرب. في الاجتماع اللاحق لمجلس الحلفاء في لندن في 24 سبتمبر 1941 تبنَّت الحكومات الثماني في المنفى للبلدان الواقعة تحت احتلال دول المحور جنبًا إلى جنب مع الاتحاد السوفيتي وممثلي القوات الفرنسية الحرة بالإجماع الالتزام بالمبادئ المشتركة للسياسة التي وضعتها بريطانيا والولايات المتحدة.


فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل في مؤتمر الأطلسي عام 1941.
التقى الرئيس روزفلت ورئيس الوزراء تشرشل في البيت الأبيض في ديسمبر 1941 لحضور مؤتمر أركاديا، صاغ روزفلت مصطلح (الأمم المتحدة) لوصف دول الحلفاء، وقَبِل تشرشل بالمصطلح مشيرًا إلى أنه استُخدم سابقًا من قبل اللورد بايرون في قصيدة بعنوان (ذهاب تشايلد هارولد للحج). تمت صياغة نص إعلان الأمم المتحدة في 29 ديسمبر 1941 من قبل هاري هوبكنز (مساعد روزفلت وتشرشل). أُدرجت الاقتراحات السوفيتية في النص لكنها لم تشر إلى أي دور لفرنسا، كان أحد التغييرات الرئيسية في نص إعلان الأمم المتحدة مقارنة بميثاق الأطلسي هو إضافة بند للحرية الدينية والذي وافق عليه ستالين بعد إصرار روزفلت.

ظهرت فكرة روزفلت عن القوى الأربعة في إشارة إلى دول الحلفاء الرئيسية الأربعة وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين في إعلان الأمم المتحدة. وفي يوم رأس السنة الجديدة عام 1942 وقَّع الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل والدبلوماسي مكسيم ليتفينوف من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والسياسي الصيني سونغ تسي فونغ  على إعلان الأمم المتحدة، وفي اليوم التالي وقَّع ممثلو اثنتين وعشرين دولة أخرى على الإعلان، وخلال الحرب العالمية الثانية أصبحت (الأمم المتحدة) المصطلح الرسمي للحلفاء، وللانضمام إليها كان يتوجب على الدول التوقيع على إعلان الأمم المتحدة أولًا ثم إعلان الحرب على دول المحور ثانيًا.

نتج عن مؤتمر موسكو في أكتوبر 1943 ما دُعي بـ (إعلان موسكو) بما في ذلك إعلان القوى الأربع بشأن الأمن العام الذي يهدف إلى إنشاء منظمة دولية عامة في أقرب وقت ممكن، كان هذا أول إعلان عام عن التفكير في إنشاء منظمة دولية جديدة تحل محل عصبة الأمم، تبع ذلك مؤتمر طهران بعد ذلك بوقت قصير، حين التقى روزفلت وتشرشل وستالين لأول مرة وناقشوا فكرة تأسيس منظمة دولية بعد الحرب.

التأسيسر :

صيغت المنظمة الدولية الجديدة وعُقدت مفاوضات بشأنها بين وفود رجال الشرطة الأربعة في مؤتمر دومبارتون أوكس الذي عُقد من 21 سبتمبر إلى 7 أكتوبر عام 1944، واتفقوا على مقترحات لأهداف وهيكل تنظيمي ومهمة للمنظمة الدولية الجديدة، تطلّب حل جميع القضايا عقد مؤتمر آخر وهو مؤتمر يالطا بالإضافة إلى المزيد من المفاوضات مع موسكو.


رسم توضيحي لخط زمني لعضويات الدول في الأمم المتحدة، وفقاً لمعلومات الأمم المتحدة. لاحظ أن أنتاركتيكا لا يوجد بها أي حكومات. بالنسبة للسيطرة السياسة في الصحراء الغربية فهي محل نزاع. أما إقليمي تايوان وكوسوفو، فهما في اعتبار الأمم المتحدة مقاطعات تحت حكم الصين وجمهورية صربيا، على التوال
بحلول 1 مارس من عام 1945، وقّعت 21 دولة إضافية على إعلان الأمم المتحدة. وبعد أشهر من التخطيط، افتُتح مؤتمر الأمم المتحدة حول المنظمات الدولية في سان فرانسيسكو في 25 أبريل 1945 بحضور 50 دولة وعدد من المنظمات غير الحكومية. دعت دول رجال الشرطة الأربعة الراعية للمؤتمر الدول الأخرى للمشاركة، وترأس رؤساء وفود الدول الأربعة هذه الجلسات العامة. حث وينستون تشرشل روزفلت على إعادة فرنسا إلى وضعها كقوة كبرى في أعقاب تحرير باريس في أغسطس من عام 1944. اكتمل صياغة ميثاق الأمم المتحدة خلال الشهرين التاليين ووقَّع عليه في 26 يونيو من عام 1945 ممثلو 50 دولة. تأسست الأمم المتحدة بشكل رسمي في 24 أكتوبر من عام 1945، وأُقر الميثاق من قبل الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن – الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي والصين – وبأغلبية الموقعين ال46 الآخرين.

عُقدت الاجتماعات الأولى للجمعية العامة بمشاركة 51 دولة، وانعقد مجلس الأمن في لندن ابتداءًا من يناير من عام 1946. بدأت في الحال المناقشات التي تناولت القضايا الهامة مثل وجود القوات الروسية في أذربيجان الإيرانية وانتشار القوات البريطانية في اليونان، وفي غضون أيام استُخدم أول حق نقض (الفيتو). عمل الدبلوماسي البريطاني غلادوين جيب أمينًا عامًا بالإنابة.

اختارت الجمعية العامة مدينة نيويورك كموقع لمقر الأمم المتحدة، بدأ بناء المقر في 14 سبتمبر من عام 1948، واكتمل بناؤه في 9 أكتوبر من عام 1952، حُدد موقع الجمعية العامة – شأنه شأن مقر الأمم المتحدة في جنيف وفيينا ونيروبي- كأرض دولية. وانتُخب وزير الخارجية النرويجي تريغفه لي ليكون أول أمين عام للأمم المتحدة.

عصر الحرب الباردة :

على الرغم من أن المهمة الأساسية للأمم المتحدة هي حفظ السلام، إلا أن الانقسام بين الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية غالبًا ما أعاق عمل المنظمة، مما جعلها تتدخل فقط في النزاعات البعيدة عن الحرب الباردة بين البلدين. كان هناك استثناءين بارزين الأول هو قرار مجلس الأمن في 7 يوليو 1950 الذي سمح بتشكيل تحالف بقيادة الولايات المتحدة لصد غزو كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية ومُرر في غياب الاتحاد السوفيتي، أما الثاني فكان توقيع اتفاقية الهدنة الكورية في 27 يوليو 1953.


بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة.
في 29 نوفمبر 1947 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين، معترفةً بذلك بتأسيس دولة إسرائيل. بعد ذلك بعامين تفاوض رالف بانش ممثل الأمم المتحدة على هدنة لإنهاء الصراع بين الطرفين. في 7 نوفمبر 1956 تأسست قوة الطوارئ الأولى التابعة للأمم المتحدة لإنهاء أزمة السويس. ومع ذلك فشلت الأمم المتحدة في منع الاتحاد السوفياتي من غزو المجر الذي تزامن مع اندلاع الثورة فيها عام 1956.

في 14 يوليو 196، أعلنت الأمم المتحدة عن بدء عملية الأمم المتحدة في الكونغو وكانت أكبر قوة عسكرية في عقودها الأولى بهدف فرض النظام في دولة كاتانغا الانفصالية وإعادتها إلى سيطرة جمهورية الكونغو الديمقراطية بحلول 11 مايو 1964. وأثناء سفر الأمين العام آنذلك داغ همرشولد للقاء زعيم المتمردين مويس تشومبي خلال فترة الصراع بين الدولتين، توفي في حادث تحطم طائرة، كان ينظر إلى داغ همرشولد كأحد الأمناء العامين الأكثر فاعلية للأمم المتحدة وحصل بعد أشهر من وفاته على جائزة نوبل للسلام. في عام 1964 نشر السياسي البورمي يو ثانت (خليفة همرشولد) قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص، والتي أصبحت واحدة من أطول مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.


قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إحدى المهمات.
مع بداية عهد إنتهاء الاستعمار في الستينيات، تسابقت الدول المستقلة حديثًا للإنضمام إلى المنظمة، ففي عام 1960 فقط انضمت 17 دولة جديدة إلى الأمم المتحدة منها 16 دولة من إفريقيا. في 25 أكتوبر 1971 (وبالرغم من معارضة الولايات المتحدة ولكن بدعم من العديد من دول العالم الثالث) مُنح مقعد في مجلس الأمن لجمهورية الصين الشعبية الشيوعية بدلًا من المقعد السابق الذي كان من نصيب جمهورية الصين التي احتلت تايوان، كان ينظر إلى التصويت على نطاق واسع على أنه علامة على تراجع النفوذ الأمريكي في المنظمة. أسَّست دول العالم الثالث بقيادة الجزائر تحالفا أطلق عليه اسم مجموعة الـ 77 والذي كان لفترة وجيزة قوة مهيمنة في الأمم المتحدة. في 10 نوفمبر 1975 أصدرت مجموعة مؤلفة من الاتحاد السوفيتي ودول العالم الثالث قرارًا بشأن المعارضة الأمريكية والإسرائيلية الشديدة عن وصف الصهيونية على أنها عنصرية، لكن القرار إلغي في 16 ديسمبر 1991 بعد وقت قصير من انتهاء الحرب الباردة.

مع الوجود المتزايد في العالم الثالث وفشل وساطة الأمم المتحدة في النزاعات في الشرق الأوسط وفيتنام وكشمير، حولت الأمم المتحدة اهتمامها بشكل متزايد إلى أهدافها الثانوية ظاهريًا للتنمية الاقتصادية والتبادل الثقافي، بحلول السبعينيات كانت ميزانية الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية أكبر بكثير من الميزانية المخصصة لحفظ السلام.

ما بعد الحرب الباردة :

مبنى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.
وسَّعت الأمم المتحدة بعثاتها لحفظ السلام بشكل كبير بعد الحرب الباردة، إذ بلغ عدد بعثات حفظ السلام في غضون خمس سنوات فقط أكثر من البعثات في العقود الأربعة السابقة مجتمعة. بين عامي 1988 و 2000، تضاعف عدد القرارات التي تُبناها مجلس الأمن وازدادت الميزانية المخصصة لحفظ السلام بأكثر من عشرة أضعاف.

تدخلت الأمم المتحدة في مفاوضات إنهاء الحرب الأهلية في السلفادور، وأطلقت مهمة ناجحة لحفظ السلام في ناميبيا، وأشرفت على انتخابات ديمقراطية لما بعد فترة نظام الفصل العنصري (أبارتايد) في جنوب أفريقيا وبعد فترة الخمير الحمر في كمبوديا. في عام 1991 سمحت الأمم المتحدة بتشكيل تحالف بقيادة الولايات المتحدة لصد الغزو العراقي للكويت. وصف بريان أوركهارت  وكيل الأمين العام من عام 1971 إلى عام 1985 الآمال التي أثيرت من خلال هذه النجاحات بأنها «نهضة زائفة» للمنظمة بالنظر إلى المهام الأكثر اضطراباً التي تلت ذلك.

ابتداءً من العقود الأخيرة من الحرب الباردة، شجب النقاد الأمريكيون والأوروبيون للأمم المتحدة المنظمة لسوء الإدارة والفساد الملحوظ. في عام 1984 سحب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان تمويل بلاده من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بسبب مزاعم بسوء الإدارة، تلاه المملكة المتحدة وسنغافورة. بدأ بطرس بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة في الفترة من 1992 إلى 1996 بإصلاح الأمانة العامة مما أدى إلى تقليص حجم المنظمة إلى حد ما، وأجرى خليفته كوفي عنان (1997-2006) مزيدًا من الإصلاحات الإدارية لمواجهة تهديدات الولايات المتحدة بحجب مستحقاتها لدى الأمم المتحدة.


الجلسة التمهيدية الثانية للقمة العالمية في مبنى منظمة الأمم المتحدة، جنيف، سويسرا. فبراير 2005
على الرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة قد كُتب في المقام الأول لمنع اعتداء دولة على دولة أخرى، فقد واجهت الأمم المتحدة في أوائل التسعينيات عددًا من الأزمات الخطيرة المتزامنة داخل بعض الدول مثل الصومال وهايتي وموزمبيق ويوغوسلافيا السابقة. كان ينظر إلى مهمة الأمم المتحدة في الصومال بعد الانسحاب الأمريكي أنها فاشلة على نطاق واسع بسبب سقوط ضحايا في معركة مقديشو. واجهت بعثة الأمم المتحدة في البوسنة «سخرية عالمية» بسبب مهمتها غير الحاسمة والمربكة في مواجهة التطهير العرقي. في عام 1994 فشلت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة رواندا في التدخل لوقف الإبادة الجماعية في رواندا بسبب عدم وجود توافق في الآراء في مجلس الأمن.

من أواخر التسعينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، اتخذت التدخلات الدولية التي أذنت بها الأمم المتحدة مجموعة متنوعة من الأشكال. أجاز قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1244 تأسيس قوات كوسوفو بقيادة الناتو اعتبارًا من عام 1999. واستأنفت بعثة الأمم المتحدة في سيراليون (1999-2006) مهامها في الحرب الأهلية في سيراليون بتدخل عسكري بريطاني. أشرف حلف الناتو على غزو أفغانستان عام 2001. في عام 2003 غزت الولايات المتحدة العراق على الرغم من فشلها في تمرير قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحصول على تفويض، مما أدى إلى جولة جديدة من التشكيك في فاعلية المنظمة.


بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي. أبريل 2019
تدخلت الأمم المتحدة تحت إشراف الأمين العام الثامن بان كي مون مع قوات حفظ السلام في أزمات مثل الحرب في دارفور في السودان ونزاع كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأرسلت مراقبين ومفتشين عن أسلحة كيماوية في الحرب الأهلية السورية. في عام 2013 خلصت لجنة المراجعة الداخلية للأمين العام المعني بعمل الأمم المتحدة في سريلانكا خلال جرائم الحرب في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية السريلانكية في عام 2009 إلى أن المنظمة عانت من فشل منهجي. في عام 2010 عانت المنظمة من أسوأ خسائر في الأرواح في تاريخها عندما لقي 101 فردًا حتفهم في زلزال هايتي. في عام 2011 تدخلت دول الناتو في الحرب الأهلية الليبية بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973.

في عام 2000 انعقدت قمة الألفية لمناقشة دور الأمم المتحدة في القرن الحادي والعشرين. كان الاجتماع الذي استمر لثلاثة أيام أكبر تجمع لقادة العالم في التاريخ، وتوج باعتماد جميع الدول الأعضاء للأهداف الإنمائية للألفية وهي التزام بتحقيق التنمية الدولية في مجالات مثل الحد من الفقر والمساواة بين الجنسين والصحة العمومية. كان التقدم نحو هذه الأهداف التي من المقرر تحقيقها بحلول عام 2015 غير متكافئ في نهاية المطاف. أعاد مؤتمر القمة العالمية لعام 2005 التأكيد على دور الأمم المتحدة في تعزيز التنمية وحفظ السلام وحقوق الإنسان والأمن العالمي، وأُعلن عن إطلاق أهداف التنمية المستدامة في عام 2015 لتحل محل الأهداف الإنمائية للألفية.

بالإضافة إلى معالجة التحديات العالمية، سعت الأمم المتحدة إلى تحسين مسؤولياتها وشرعيتها الديمقراطية من خلال الانخراط بشكل أكبر مع المجتمع المدني وتشجيع الناخبين على مستوى العالم، عقدت المنظمة في عام 2016 أول مناظرة عامة بين المرشحين لمنصب الأمين العام في محاولة لتعزيز الشفافية. في 1 يناير 2017 أصبح الدبلوماسي البرتغالي أنطونيو غوتيريش (الذي شغل سابقًا منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) الأمين العام التاسع للمنظمة، سلط غوتيريش الضوء على العديد من الأهداف الرئيسية لإدارته بما في ذلك التركيز على الدبلوماسية لمنع الصراعات والقيام بجهود أكثر فعالية لحفظ سلام وتبسيط المنظمة لتكون أكثر استجابة وتنوعًا للاحتياجات العالمية.

الهيكل التنظيمي :
المقالة الرئيسة: منظومة الأمم المتحدة
الأمم المتحدة هي جزء من منظومة الأمم المتحدة الأوسع، والتي تضم شبكة واسعة من المؤسسات والكيانات. مركزية المنظمة هي خمسة أجهزة رئيسية أنشأها ميثاق الأمم المتحدة وهي: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة. في 1 نوفمبر 1994 علَّق الجهاز الرئيسي السادس (مجلس الوصاية) عملياته بعد شهر من استقلال بالاو، وهي آخر أراضي الوصاية المتبقية للأمم المتحدة.


مؤتمر نزع السلاح في الأمم المتحدة ، قصر الأمم بجنيف.
توجد أربعة من الأجهزة الرئيسية الخمسة في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، بينما يوجد مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي. معظم مقرات الوكالات الرئيسية الأخرى تقع في مكاتب الأمم المتحدة في جنيف وفيينا ونيروبي، وهناك مؤسسات إضافية للأمم المتحدة توجد في جميع أنحاء العالم. اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة المستخدمة في الاجتماعات والوثائق الحكومية الدولية هي: العربية والصينية والإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية. ووفقا لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، تتمتع الأمم المتحدة ووكالاتها بالحصانة من قوانين البلدان التي تعمل فيها، مما يعني الحفاظ على حياد الأمم المتحدة فيما يتعلق بالدول المضيفة والدول الأعضاء.

تضم الأجهزة الست- كما عبرت الكاتبة ليندا فاسولو- «مجموعة مذهلة من الكيانات والمنظمات، وبعضها في الواقع أقدم من الأمم المتحدة نفسها، وتعمل باستقلال شبه كامل عنها»، وتشمل الوكالات المتخصصة ومؤسسات البحث والتدريب والبرامج والصناديق وكيانات الأمم المتحدة الأخرى.

تلتزم جميع المنظمات في منظومة الأمم المتحدة بما يسمى (بمبدأ نوبلمير)، الذي يدعو إلى دفع رواتب تجذب وتحتفظ بمواطني البلدان التي يكون فيها التعويض أعلى، ويدعو أيضًا إلى المساواة في الأجر عن العمل المتساوي القيمة بغض النظر عن جنسية الموظف. من الناحية العملية فإن لجنة الخدمة المدنية الدولية التي تنظم ظروف عمل موظفي الأمم المتحدة تشير إلى أعلى أجر للخدمة المدنية الوطنية، تخضع رواتب الموظفين لضريبة داخلية تديرها منظمات الأمم المتحدة.



التوقيع


  مشاركة الموضوع


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة .
الموضوع : الكاتب الردود : المشاهدات : آخر رد
 
  • المملكة المتحدة
  • Kinder
  • 0
  • 514 29-10-2022, 02:53 PM
    آخر رد: Kinder

    التنقل السريع :


    يقوم بقراءة الموضوع: بالاضافة الى ( 1 ) ضيف كريم