30-03-2023, 07:08 PM
صلاة التراويح هي إحياء ليالي رمضان بالنوافل، وسميت بهذا الاسم لأنه يُجلس بعد كل أربع ركعات فيها للاستراحة، وهي سنة مؤكدة، وأول من سنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه»[1]. وقالت عائشة: “صلى النبي صلّى الله عليه وسلم في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفترض عليكم ـ قال: وذلك في رمضان”. قال ابن شهاب: “فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر. وروى أبو ذر؛ قال: «صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله! لو نفلتنا قيام هذه الليلة. فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ حسب له قيام الليلة، فلما كانت الرابعة لم يقم بنا، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح – قلت: وما الفلاح؟ قال: السَّحُورُ -، ثم لم يقم بنا بقية الشهر»[2]. قال الطرطوشي من علماء المالكية: اعلم أن أصل قيام رمضان ثبت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله: أما قوله عليه السلام: فترغيبه في قيامه على ما بيناه أولا. وأما فعله: فجمعه بالناس ليلتين. فإن قال قائل: فالنبي صلى الله عليه وسلم قد ترك بقية الشهر ولم يصل معهم! ؟ فالجواب: أن هذا لا يدل على نسخ الجمع فيها؛ لأنه – عليه السلام – علل الامتناع بأنه خشي أن يفرض عليهم؛ إما لما جرت به عادته من أن ما داوم عليه على وجه الاجتماع من القرب؛ يفرض على أمته. قالت عائشة رضي الله عنها: «إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يجب أن يعمل به؛ خيفة أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم» . قالت: «وما سبح النبي صلى الله عليه وسلم سُبْحَةَ الضحى قط، وإني لأسبحها».. ثم قال الطرطوشي: “وهذه المعاني كلها مأمونة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم”[3]. فقد ثبتت سنة القيام في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إحياء صلاة التراويح، وبيان جوانب من هديه في الكيفية والقراءة والقيام وأشباهها.