• 0 أصوات - بمعدل 0
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
» محمد الشوكاني » دعي لومي على فرط الهواء
#1
دعِي لَوْمِي عَلَى فَرْطِ الهَواءِ
وَداوي إِنْ قَدَرْت عَلَى الدواءِ
وكُوني عَنْ سُلُوِّي في سُلُوٍّ
إِذا أَنْوَى الْحَبيبُ عَلَى النَّواءِ
أَبانُوا يَوْمَ بانُوا عَنْ فُؤادي
عُرَى صَبْري فَبَاتُوا بالعَرَاءِ
فَلا حَمَلَتْ هوادِجَها الهوادي
ولا سَمِعَت تراجِيعَ الحدَاءِ
تَخُبُّ بِكلِّ عامِرَةٍ وقَفْرٍ
وتَخْتَرِقُ الْمَوامِي للتَّنائي
فأنْحَى جازِرّ يَوْماً عَلَيْها
وضرج قاديهما بالدماء
وَناشَتْها السِّباعُ ومَزَّقَتْها ال
قَشاعِمُ بَيْنَ أَدْراجِ الفَضَاءِ
ويا حَادِي الْمَطيِّ ألا رِثاءّ
وشَرُّ النّاسِ مَعْدومُ الرِّثاءِ
حَدَوْتَ فَكَمْ عُقولٍ طائِشاتٍ
وأَرْواحٍ تَروحُ إلى الفَناءِ
فَلا رَفَعَتْ يَداكَ إليكَ سَوْطاً
ولا نَقَلَتْكَ مُسْرِعَةُ الخُطاءِ
تُروِّعُني بِبَيْنٍ بَعْدَ بَيْنٍ
طويلٍ في قَصيرٍ مِنْ لِقائي
أَمّا بسوَى الفِراقِ لَقيتَ قَلْبي
لِتَعْلَم في الحوادِثِ ما غنائي
فإنّي إنْ أَلَمَّ الْخَطْبُ يَوماً
وَضاقَ بحَمْلِهِ وَجْهُ الثَّراءِ
وَطاشَتْ عِنْدَهُ أَحْلامُ قَوْم
وَحادَ الآخَرونَ إلى الوَراءِ
أَقُومُ بِهِ إذا قَعَدُوا لَدَيْهِ
وأَدْفَعُهُ إذا أَعْيا سِوائي
وَمَا الْمرءُ الْمُكَمَّلُ غَيْرُ حُر
لَهُ عِنْدَ العَنَا كُلُّ الغَنَاءِ
تَسَاوَى عِنْدَهُ خَيْرٌ وشَرٌّ
يَرَى طَعمَ الْمَنِيَّةِ كالْمُنَاءِ
يَحُوزُ السَّبْقَ في أَمْنٍ وخَوْفٍ
ويُكْرِمُ عِنْدَ فَقْرٍ أو غِناءِ
تَراهُ وَهُوَ ذو طِمْرَيْن يَمْشِي
بِهِمَّتِهِ عَلَى هَامِ السَّماءِ
تُقَدِّمُهُ فَضائِلُهُ إذا ما
تَفَاخَرَ بالمَلا كُلُّ المَلاءِ
ألا إِنَّ الفَتَى رَبُّ المَعالِي
إذا حَقَّقْتَ لا رَبُّ الثَّراءِ
ومَنْ حازَ الفَضائِلَ غَيْرَ وان
فَذاكَ هُوَ الفَتَى كُلُّ الفَتاءِ
فَما الشِّرَفُ الرَّفيعُ بِحُسْنِ ثَوْبٍ
ولا دارٍ مُشَيَّدَةِ البِناءِ
ولا بِنُفُوذِ قَولٍ في البَرايا
فإنَّ نُفوذَهُ أَصْلُ البَلاءِ
فَرأْسُ الْمَجْدِ عِنْدَ الحُرِّ عِلْمٌ
يَجُودُ به عَلَى غادٍ وجَائِي
إذا ما المرْءُ قامَ بكُلِّ فَن
قِياماً في السُّمُوِّ إلى السَّماءِ
وَصارَ لَهُ بمَدْرَجَةٍ صُعُودٌ
إلى عَيْنِ الْحَقِيقَةِ والْجَلاءِ
وَهامَ لِدَفْعِن مُعْضَلَةٍ وحَلٍّ
لِمُشْكِلَةٍ ورَفْعٍ للخَفاءِ
فَذاكَ الفَرْدُ في مَلإِ الْمَعالي
كما الفَرْدِ ابن يَحيَى في الْمَلاءِ
فَتىً يَهْتَزُّ عِطْفُ الدَّهْرِ شَوْقاً
إِليْهِ لأنَّهُ رَبُّ العَلاءِ
إذا ما جَالَ في بَحْثٍ ذَكاهُ
تَنَحَّى عنهُ أَرْبابُ الذّكاءِ
وإِنْ ماراهُ ذُو لَدَدٍ أتاهُ
بِما يُنْبِتهِ عَنْ سَوْطِ المِراءِ
تَقاصَرَ عَنْ مَداهُ كُلُّ حَبْرٍ
لما يَلْقَاهُ مِنْ بُعْدِ الْمَداءِ
فَيا مَنْ صَارَ في سِلْكِ الْمَعالي
هُوَ الدُّرُّ النَّفيسُ لكُلِّ رائي
وضَمَّخَ مَسْمَعَ الأيّامِ طيِباً
كما قَدْ طابَ مِنْ حُسْنِ الثَّناءِ
وقامَ بِغَيْرةِ الآدابِ يَدْعُو
وفي يُمْناهُ خافِقَهُ اللّواءِ
بَلَغْتَ منَ العَلُوِّ إِلى مَكانٍ
تمكَّنَ في السُّمُوِّ وفي السّناءِ
فَعُدْتَ مِنَ البَلاغَةِ في مَحَلٍّ
بِهِ الصّابي يَعُودُ إلى الصّباءِ
وصُغْتَ مِنَ القَريضِ بَناتِ فِكْرٍ
دَفَعْتَ بِها الوَرَى نَحْو الوَراءِ
وَجِيهَ الدينِ دُمْتَ لِكُلِّ فَنٍّ
يُبَهْرِجُ فيهِ أَهْلُ الإدِّعاءِ
تَذودُ الشَّائِبِينَ لَهُ بِجَهْلٍ
فيَصْفُوا العِلْمُ عَنْ شَوْبِ القَذاءِ
عُلوُمُكِ زَانَها سَمْتٌ بَهِيٌّ
وحُسْنُ السَّمْتِ مِنْ حُلَلِ البَهاءِ
أَتَانِي يا بنَ يَحْيَى منكَ نَظْمٌ
تَعَالَى عَنْ نِظامِ أبي العَلاءِ
على نَمَطِ الأَعارِب في لُغاتٍ
وفي حُسْنِ الرَّوِيَّ وفي الرُّواءِ
تَحدّى مَنْ تعاورُهُ هُمُومٌ
يَعُودُ بِها الجَلِيُّ إلى الْخفَاءِ
يُعاني مِنْ خُصومٍ أو خِصامٍ
خُطُوباً في الصَّباحِ وفي المساءِ
فَحِيناً في صُرَاخٍ أَوْ عَويلٍ
وحِيناً في شَكاءٍ أَو بُكاءِ
وَإِنْ يَصْفُو لَهُ وَقْتٌ تَراهُ
يُوقِّعُ في رِقاعِ الإدّعاءِ
ويُمْضِي اللّيلَ في نَشْرٍ وطَيٍّ
بِأَسْجالٍ قَديماتِ البِنَاءِ
وقَفْنا يا بْنَ وُدِّي في شَفِيرٍ
ومِنْ رَادَ الشّفيرَ عَلَى شَفاءِ
بذَا قَدْ جاءَنا نَصٌّ صَرِيحٌ
فما ذَاكَ السبيل إلى النجاء
فإِنْ قُلْتَ النُّصوصُ بِعَكْسِ هَذا
أَتتْنا بالأُجورِ وبالرّجاءِ
كما في أَجْرِ مَنْ يَقْضي بحقٍّ
ويَعْمَلُ باجْتِهادٍ في القَضَاءِ
ويَعْدِلُ في حُكومَتِهِ برِفْقٍ
ويَلْتَفُّ الْمَكاره بالرِّضاءِ
ويَلْبَسُ بالقُنُوعِ رِدَاءَ عِزٍّ
يُطَرِّزُهُ بِوَشْيِ الاِتّقاءِ
ويَدَّرِعُ التَّبَصُّبرَ إِنْ دَهاهُ
مِنَ الخَصْمَيْنِ داهِيَةُ البَلاءِ
فَذاكَ كما يَقُولُ وأَيْنَ هَذا
هُوَ العَنْقاءُ بَيْنَ أُولِي النُّهاءِ
قُصارَى ما يَراهُ بِغَيْرِ شَكٍّ
مِرَاءٌ أَوْ فُضُولٌ مِنْ مِراءِ
ومَنْ لَمْ يَعْقِلِ البُرْهَانَ يَوْماً
فَأَنَّى تَنْتَحِيهِ في القَضاءِ
إِذا لَمْ يَفْطَنِ التركيبَ قَاضٍ
فَقُلْ لِي كَيْفَ يَفْطَنُ بالْخَطاءِ
ومَنْ خَفِيَت عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْماً
فكَيْفَ تَراهُ يَظْفَرُ بالسُّهاءِ
ومَنْ أَعْياهُ نُورق مِنْ نَهارٍ
فكَيْفَ يَرُومُ إدْراكَ الهَبَاءِ
وَهَذِي نَفْثَةٌ مِنْ صَدْرِ حُرٍّ
أَطالَ ذُيلَها صِدْقُ الإخاءِ
وأبْرَزُ ما يَبُوحُ بهِ شجِيٌّ
إلى أَحْبابِهِ بَثٌّ الشَّجَاءِ
وأعْظَمُ مُسْتَفادٍ مِنْ عِهادٍ
تَواصُلُنا بأَصْنافِ الدُّعاءِ
ودُمْ يا بنَ الأكارِمِ في نَعِيمٍ
عَظِيمٍ في الصِّفاتِ وفي الصَّفاءِ



التوقيع


ابـو عـدي لا للمستحيل ♛
2024 - 2018

[صورة: Untitled-1.gif][صورة: img?id=230985]
  مشاركة الموضوع


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة .
الموضوع : الكاتب الردود : المشاهدات : آخر رد
 
  • » إبراهيم بن محمد الخليفة » قضاء محكم لا يستطاع
  • _Ammar
  • 0
  • 104 27-07-2024, 02:47 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » إبراهيم بن محمد الخليفة » أشاقك من أفق العراق لوامع
  • _Ammar
  • 0
  • 99 27-07-2024, 02:46 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » إبراهيم بن محمد الخليفة » قضاء قد جرى فعليه صبرا
  • _Ammar
  • 0
  • 96 27-07-2024, 02:45 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » إبراهيم بن محمد الخليفة » كرروا البشرى مرة بعد مرة
  • _Ammar
  • 0
  • 110 27-07-2024, 02:43 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » البحرين » إبراهيم بن محمد الخليفة » بأبي آس عذار وقفا
  • _Ammar
  • 0
  • 101 27-07-2024, 02:42 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » محمد العيد آل خليفة » صورة شوقي
  • _Ammar
  • 0
  • 106 26-07-2024, 03:03 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » محمد العيد آل خليفة » مثال التآخي
  • _Ammar
  • 0
  • 111 26-07-2024, 03:03 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • محمد العيد آل خليفة » رسم الإمام ابن باديس
  • _Ammar
  • 0
  • 117 26-07-2024, 03:02 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » محمد العيد آل خليفة » احتساب المعلم
  • _Ammar
  • 0
  • 114 26-07-2024, 03:01 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » محمد العيد آل خليفة » سحر البيان
  • _Ammar
  • 0
  • 107 26-07-2024, 03:01 PM
    آخر رد: _Ammar

    التنقل السريع :


    يقوم بقراءة الموضوع: بالاضافة الى ( 1 ) ضيف كريم