• 0 أصوات - بمعدل 0
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
» المتوكل طه » جنة الكائنات
#1
لها الأُغنياتُ،
وما نَحتَ الماءُ في حَجَرِ الذكرياتِ،
وما تمَّ في الكَشْفِ من غامضِ النورِ للعارفينَ،
ولمّا سنكملُ أحرُفَها في الصَّلاة.
هي الأبجديةُ إن كتبوا مصحفَ الطينِ،
أو ما سيقرأه العاشقونَ على شُرفةٍ للحنين،
وما طرّزَتهُ إلى يومِ عَوْدَتِها.. الأُمّهات.
سأرقبُ رَجْعَتَها للبلادِ،
وفي الصدرِ زغرودةٌ خَبّأتها ثمانين حولاً،
سَتنعَفُها فوقَ كلِّ التلالِ،
وننسى بأنّا خرجنا إلى سِفر ليلٍ ذبيحٍ،
وأنّا دخلنا، كما ينبغي، للحياة.
أنا شاعرُ العشبِ والناسِ،
يأخذني القيدُ عُمْراً فأمضي
إلى محفلِ الشمسِ في رقصةٍ للبهاءِ،
وأُبدي الحكاياتِ للطفلِ
حتى يعودَ إِلى شجرِ الأنبياء،
وأنسجُ من ألفِ سنبلةٍ ثوبَ أُمّي الجديد،
وأركبُ في بيدرِ التِّبْرِ تلَّ الحصيد،
وأفردُ للطيرِ قمحَ البيات..
وأخنسُ في حضنِ مَنْ جمعتْ حَبَّ رُمّانِها،
أو أشاعتْ على ساحلِ الثلجِ عِطرَ الخفاءِ،
وقالت، بلا أحرفٍ: قد جمعتُ الموائدَ
في قُبّتينِ ووادٍ صغيرٍ،
فلا تتركِ النارَ باردةً للرياحِ،
ولا تجعلِ النَّمْلَ يسري وحيداً بلا طرقٍ
للنجاة.
أنا كاتبُ النارِ،
لكنّ ليلي بهيمٌ،
وما من نَبيٍّ سيلحظُ ضوئي،
سوى ما أُوَلّده من جِبال الإلهِ،
ليحملَ أَقْباسَ جَمْري..
لهذا، دعوتُ الغريبَ ليرجعَ ثانيةً للديارِ،
ويحملَ ما شاءَ للأهلِ من موقدٍ،
سوف يبقى إلى أن يعود الشروقُ الأكيدُ
إلى جَنّة الكائنات.
أنا حَسَنُ الحَظِّ، إذ خلّفتني المشيمةُ في ساحلِ الزّهرِ،
أو أرضعتني المواسمُ من موجةِ البرتقالِ،
وصبّت نجومُ الّلباءِ مزاميرَها في الخيالِ،
وذوَّب نهرُ البنفسجِ أحلامَه في الجبالِ،
ومرّت بي الخيلُ وحشيةً، دون سرجٍ،
وكنتُ لها زَفرَةً للصهيلِ
وقَدْحاً على شَرَرٍ في السؤالِ..
أنا شاهدٌ في الزمانِ البغيضِ
الذي وزّع الرّوحَ في كلّ ناحيةٍ،
ثم أَنْصتَ كي يهرفَ الحاكمون..
فظلّوا على حالهم، دون نُطْقٍ!
فماذا سأفعلُ إنْ ظلّ قاضي العدالةِ أبكمَ أعمى،
ولا قشعريرةَ فيما يُخلّفهُ حدُّ مقصلةٍ،
كلَّ يومٍ..
بسوسَنةِ الذّاهلات.
سأبقى هنا في جروحِ الرّخامِ،
وفي بُرْعمِ المدخلِ المَرْمَريّ،
وحولَ جدائلِ داليةٍ في الجهات..
وأغفو على غُرّةٍ تتدلّى
إلى حائطٍ من عقيقِ النهارِ،
وأسكنُ عِليّةً للهَزارِ،
وأشربُ من قهوةِ السائرين
إلى حُلمٍ في الجدارِ،
وأرقب من شُرفتي سربَ أيامنا الآتيات..
وأبكي مع الناي إن حزَّ قلبَ العشيقِ،
على جدولٍ للرّعاة.
سأبقى.. أنا العاشقُ الجيِّدُ الحظُّ،
لي وردةٌ من دخانِ الشتاءِ،
ولي زهرةٌ من يديها.. كتبتُ
على نَرجسِ الصخر ماءً.. فَجَاء البريدُ،
وكانت لنا قصةٌ للشريدِ،
وما زلتُ في غيمةٍ لونُها أحمرٌ،
والدروب مُدجّجةٌ بالوعيدِ،
وما من ضياءٍ سوى ما نُكرّره للحفيدِ،
وما فتىء البيتُ منتظراً بين أشجاره في الصعيدِ،
وقلبي صغيرٌ يحبّ الضفائرَ والشِّعرَ،
يبكي إذا زَوَّجوهُ إلى الضوءِ يومَ الشّهيدِ،
ويمضي على عَجلٍ للغزالِ، يحدّقُ فيه،
كأنَّ الحنينَ أتمَّ تعاويذَه في النشيدِ،
وألقى بنا، ساعةً، للزَّفافِ،
ولمّا نَعُدْ بَعْدُ من فرحِ العاشقات.
كبرتُ مع السورِ ظِلّاً، وبوّابةً للبيوتِ
وللقادمينَ من الرّملِ والطينِ،
أزرعُ زيتونةً للحَمامِ،
ونارِنْجةً للقيامِ،
وسرْواً طويلاً لأجراسِ أعيادِنا في الشموعِ،
وأرسمُ فوقَ شبابيكِ مجنونةٍ اسْمَ
مَنْ عبروا للخلودِ،
وأشربُ من بَرَدِ الياسمينةِ،
في ليلةِ القَدْرِ، كأسَ الدموعِ،
لأذكرَ مَنْ أكلوا لحمَ ذاكَ الرسولِ،
ومَنْ شربوا دَمَه ذاتَ ليلٍ،
وخانوه في دربِ آلامِه،
أو أنهم أنكروا وَجْهَه في السلالِ، وكانت
تفيضُ بخبزِ الضلوعِ..
سأمشي وراءَ ابنِ مريمَ
حتى إذا بلغَ الموتَ، قلتُ: انتبه!
إنّ هذي المساميرَ ليست لنا، إنّما
للذي يقتلُون اليسوع..
ويا أيُّها الناسُ ارفعوا ألفَ جُلجلةٍ للطُّغاة!
أنا حاصدُ التاج بالسيفِ،
أُعطي الذئابَ أواخرَ ما ظلَّ في خيمتي من قديدٍ،
وأُشعلُ كلَّ الذي احتطَبْتهُ يداي،
أنا البدويُّ الذي سَعَّرَ الريحَ في النّاي،
أو همّةُ القرويِّ الذي أنبتَ الصخرَ زيتاً،
وقال لأفراسِه في السهولِ اتبعيني
وسيري وَرَاي،
أنا المدنيُّ الذي أشعل البَحرَ ليلاً بزنبقةٍ من سَماي،
أنا ذَهَبُ الخيطِ في ياقةِ العُرْسِ
أو رعشةُ النجمِ فوق الأيادي،
أنا سيّدُ البرِّ والبحرِ والنّهرِ،
هذي البلادُ بلادي،
وما من بلادٍ لنا غيرُها،
إنها الماءُ والنارُ والطينُ والريحُ
والبذرةُ المُشتهاة.
لها الأُغنياتُ،
وما نَحتَ الماءُ في حَجَرِ الذكرياتِ،
وما تمَّ في الكَشْفِ من غامضِ النورِ للعارفين،
وإنّا سنكملُ أحرُفَها في الصلاة.



التوقيع


ابـو عـدي لا للمستحيل ♛
2024 - 2018

[صورة: Untitled-1.gif][صورة: img?id=230985]
  مشاركة الموضوع


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة .
الموضوع : الكاتب الردود : المشاهدات : آخر رد
 
  • » المتوكل طه » لوحات
  • _Ammar
  • 0
  • 128 02-06-2024, 01:26 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » الحكواتي ..حضور الغياب
  • _Ammar
  • 0
  • 107 02-06-2024, 01:22 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » حوار بسيط قبل الحرب
  • _Ammar
  • 0
  • 112 02-06-2024, 01:22 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » كان جيماً
  • _Ammar
  • 0
  • 107 02-06-2024, 01:21 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » الماشطة؛ أم الريحان
  • _Ammar
  • 0
  • 111 02-06-2024, 01:20 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » أبجدية الأرض
  • _Ammar
  • 0
  • 129 01-06-2024, 12:36 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » سيدة الياسمين
  • _Ammar
  • 0
  • 150 01-06-2024, 12:35 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » ستخرج عما قريب
  • _Ammar
  • 0
  • 120 01-06-2024, 12:35 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » هذا أنا
  • _Ammar
  • 0
  • 124 01-06-2024, 12:34 PM
    آخر رد: _Ammar
     
  • » المتوكل طه » القدس اسم عاشقة
  • _Ammar
  • 0
  • 151 01-06-2024, 12:30 PM
    آخر رد: _Ammar

    التنقل السريع :


    يقوم بقراءة الموضوع: بالاضافة الى ( 2 ) ضيف كريم