26-05-2024, 04:23 PM
تجلَّى الحسنُ في النظرِ الخَفِيِّ
به انتصرَ الضَّعيفُ على القويِّ
ألم تسمع بقتَّالٍ جريءٍ
قضى بسلاح قتَّال حيِيِّ؟
حريٌ أن يقول المرءُ إمَّا
رأى عينيكِ ما أنا بالحَرِيِّ
وأنوي أن أكلمكم صباحاً
فأبقى ناوِياً حتى العَشِيِّ
وأنتخِب الكلام زُهاء شهرٍ
وأنساهُ وما أنا بالنَّسِيِّ
وأندمُ من كلامِي أو سُكُوتي
فأرجِعُ عنهما مثل الصَّبِيِّ
فإنْ يربكْكُمُ مِني ارْتِباكِي
فتكلِفَةُ البَهاءِ على البَهِي
أقول كأن صورتَكُم بِبالي
ستارُ البيتِ في كفِّ التَّقِيِّ
ورُوحِي قطرةٌ ظلَّت لدَيكم
مُعلَّقَةً على غُصنٍ نَدِيِّ
فلا شامٌ لديَّ ولا عِراقٌ
ولا مِصرٌ ولا بلدُ النَّبِيِّ
أضاعَ الكلَّ طاغيةٌ وغازٍ
وللبلديِّ وجهُ الأجنبيِّ
وفي الإثنينِ فخرٌ مطمئنٌ
كفخرِ الأمِّ بالولدِ الغَبِيِّ
ولكن لستُ أيأسُ من زمانٍ
بخيلٍ جاءَني بهوىً سَخِيِّ
وجاءَ وكنتُ ليلاً مشرِقِيّاً
بشمسٍ من صباحٍ مَغرِبِيِّ
غزالٌ ذادَ صيَّادِيَّ عَنِّي
بضِعفِ شراسةِ الأسدِ الضَّرِيِّ
وديعٌ وهو يُوْدِي بالضَّواري
وأعزلُ وهو يفتِكُ بالكَمِيِّ
وتحتَ تلثُّمٍ مرَّاكِشِيٍّ
مُحياً كالغِناءِ القُرطُبِي
ونَسعدُ كُلَّما سَفَرَت ونَشقى
ولا نَدرِي السَّعيدَ من الشَّقِيِّ
فإن عَبَسَت فكلُّ القولِ هَدرٌ
وما اختلف الفَصيحُ عن العَيِيِّ
وإن ضَحِكت فكلُّ الأرضِ دارٌ
وكلُّ الغَيمِ مِن غيثٍ أَتِيِّ
وبشَّ لنا الزَّمانُ وكانَ جَهْمَاً
بشاشةَ صاحبِ البيتِ الحَفِيِّ
وأصبحَ عادِلاً فِي كلِّ حُرٍ
ومالَ بكلِّ جَبَّارٍ عَتِيِّ
كأنا إذْ وردناهُ ضِيُوفاً
بإقبالِ الوَلِيِّ على الوَلِيِّ
على عُمرٍ أبي حفصٍ وَرَدْنَا
ضُيوفاً أو أبي حسنٍ عَلِيِّ
وليسِ المغربُ الأقصى لَعَمْرِي
بِمُغْترَبٍ ولا هُو بالقَصِي
فَيافا أُبدِلت بحراً ببحرٍ
وقُدسٌ أُبدِلت حَياً بِحَي
وكنا جيرةً لولا سُبِيْنَا
وسَلَّمَنا الدَّنِيُّ إلى الدَّنِيِّ
وصارت أرضُنا أسواقَ رِقٍ
نُعرَّضُ في المَجِيءِ وفي المُضِي
وأَقبل كلُّ نَخَّاسٍ يُنادي
على سِعْرِ السَّبِيَّةِ والسَّبِي
حُدودٌ رُسِّمت خُضراً وحُمراً
على وجهِ الخَريطة كالبغِي
أمَالت حَظَّنا مُنذُ استقامَت
مؤكَّدةً كأيمانِ الدَّعي
وكم لي ثَمَّ من جَدٍ قديمٍ
على المَثوى الرِّضَا وعلى الثَّوِيِّ
مصابيحُ الصَّحابةِ من قُريشٍ
وأبناءُ الخَلائِفِ من لؤَيِّ
وقد هَجَرَ المَشَاِرقَ فَاتِحُوها
وغرَّبَ كلُّ مُلتفتٍ شَجِيِّ
فإنْ كَثُرَ الفِراقُ تَعودوه
كتكرارِ السِّهامِ على القِسِيِّ
وهُم وَصَلُوا كمَا وَتَّرتَ قَوساً
بِبحرِ السِّنْدِ شَطَّ الأطلَسِيِّ
ولفُّوا الخَيلَ مِن شرقٍ لِغَربٍ
بِأَعناقِ الخَرائِطِ كالحُلِي
مواجعُ كالقَصيدةِ كُلُّ بيتٍ
فَريدٍ رَغم تِكرارِ الرَّوِي
سَنحذُو حَذوَ أجدادٍ أَطاعُوا
سَجَاياهُم على الدَّهر العَصِي
ولا نَخْزَى فَنُعطِي الخَصمَ شيئاً
ونُعطِي مَن عَشِقْنَا كُل شَيِّ
أنا العُمَرِيُّ طالَ بِيَ اغتِرابِي
وحُبُّكِ لي دِيارُ بني عَدِي
أرى عينيكِ في حَربِي وسِلمِي
بِلا كَللٍ وفي ظَمَئِي ورِيِّي
فَمَنْ يا أَهلَ أنْدَلُسٍ قَدِيْمٍ
لِأَندَلُسٍ جديدٍ مَشرِقِيِّ؟
لأَندلسٍ جديدٍ مَشرقيِّ؟
لأَندلسٍ جديدٍ مَشرقيِّ؟
التوقيع
ابـو عـدي لا للمستحيل ♛
2024 - 2018