المفردات :
وتزهق أنفسهم : وتخرج بصعوبة، والزهوق الخروج بمشقة.
٥٥ – ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾.
أي : فلا تعجبك أيها النبي، وأيها السامع، أموالهم ولا أولادهم، ولا سائر نعم الله عليهم.
فإنما هي من أسباب المحن والآفات عليهم، وهي استدراج لهم ؛ حيث شغلتهم دنياهم عن أخراهم، وغفلوا عما أعد لهم من عذاب مقيم.
أما أموالهم فهم يتعبون في تحصيلها، والحفاظ عليها بصحبة الهم والقلق، والتهديد بالضياع والخسران، وقد يصحبك ذلك الطغيان، وعدم الشكر لربهم الذي أعطاهم، ثم ترك ما يجب عليهم من الزكاة فيها، والتصدق بما يجب التصدق به.
وأما الأولاد، فقد يموتون في الجهاد فيحزنون عليهم أشد الحزن، وقد يؤمنون فيحترق الآباء غيظا عليهم.
فقد كان لعدد من المنافقين أبناء أتقياء، كحنظلة بن أبي عامر الذي غسلته الملائكة، وعبد الله بن عبد الله بن أبي شهد بدرا، وكان من الله بمكان.
والابن إذا صار من الأتقياء العاملين لخدمة الإسلام ؛ تأذى به الأب المنافق، وصار مصدرا لاستيحاشه وعذابه٩٨.
﴿ وتزهق أنفسهم وهم كافرون ﴾.
المعنى : إن الله يريد أن تخرج أرواحهم حال كفرهم ؛ لعدم قبولهم لما جاء به الأنبياء، وتصميمهم على الكفر، وتماديهم في الضلالة.
قال الإمام فخر الدين الرازي :
" ومن تأمل هذه الآيات عرف أنها مرتبة على أحسن الوجوه ؛ فإنه سبحانه لما بين قبائح أفعالهم، وفضائح أعمالهم ؛ بين ما لهم في الآخرة من العذاب الشديد، وما لهم في الدنيا من وجوه المحنة والبلية.
ثم بين بعد ذلك أن ما يفعلونه من أعمال البر لا ينتفعون به يوم القيامة البتة.
ثم بين في هذه الآية أن ما يظنونه من منافع الدنيا فهو في حقيقته سبب لعذابهم وبلائهم وتشديد المحنة عليهم، وعند ذلك يظهر أن النفاق جالب لجميع الآفات في الدنيا والدين، ومبطل لجميع الخيرات في الدين والدينا... " ٩٩ اه.
التوقيع
ابـو عـدي لا للمستحيل ♛
2024 - 2018