21-12-2023, 11:22 AM
أبو الهول
أحمد شوقي - مصر
أَبــا الهَـوْلِ، طـالَ عليـكَ العُصُـرْ
وبُلِّغْـتَ فـي الأَرْضِ أَقصـى العُمُـرْ
فيـا لِـدةَ الدَّهـرِ، لا الدّهـرُ شَـــ
ــــبَّ، ولا أَنت جاوزتَ حدّ الصِّغَرْ
إِلامَ ركـــوبُكَ متـــنَ الرمـــا
لِ لِطَـيِّ الأَصيـلِ وَجَـوْبِ السّـحَرْ؟
تُســـافر منتقــلاً فــي القــرو
نِ، فأَيّــان تُلْقــي غُبـارَ السَّـفرْ؟
أَبينــكَ عَهْـــدٌ وبيــن الجبــا
لِ، تـزولان فـي الموعـدِ المنتظـرْ؟
أَبــا الهــولِ، مــاذا وراءَ البقـا
ءِ - إِذا مـا تطـاولَ - غيرُ الضَّجَرْ؟
عجــبْتُ لِلُقمــانَ فــي حِرصِــه
عــلى لُبَــدٍ والنُّســورِ الأُخَــرْ
وشــكوى لَبِيــدٍ لطــولِ الحيــا
ةِ، ولـو لـم تَطُـلْ لتَشـكَّى القِصَـرْ
ولـو وُجِــدَتْ فيـكَ يـابنَ الصَّفـا
ةِ لحِـــقْتَ بِصـــانِعكَ المقتــدِرْ
فـإِن الحيـاةَ تفُــلُّ الحــديــ
ـــدَ إِذا لبِسَــتْهُ، وتُبْـلي الحجَـرْ
أَبـا الهـولِ، مـا أَنـتَ فـي المُعضِلا
تِ؟ لقـد ضلَّـت السُّـبْلَ فيـكَ الفِكَرْ!
تحـــيَّرَتِ البــدْوُ مــاذا تكــو
نُ؟ وضلَّـتْ بِـوادي الظنـونِ الحَضَرْ
فكــنتَ لهــم صــورةَ العُنْفُــوا
نِ، وكــنتَ مِثـالَ الحِجَـى والبصـرْ
وسِـرُّكَ فــي حُجْبِــه كلمــا
أَطلَّـتْ عليــه الظنــونُ اســتترْ
ومــا راعهــم غـيرُ رأْسِ الرجـا
لِ عــلى هيكـلٍ مـن ذوات الظُّفُـرْ
ولـو صُـوِّروا مـن نواحـي الطِّبـا
ع تَوالَــوْا عليــكَ سِـباعَ الصُّـوَرْ
فيـارُبَّ وجـهٍ كصـافي النَّمِـيــــ
ـــــرِ تشــابَهَ حامِلُـه والنَّمِـرْ
أَبــا الهــولِ وَيْحَــكَ لا يُسـتَقَلـ
لُ مــع الدهــرِ شـيءٌ ولا يُحـتقَرْ
تهـزّأْتَ دهــرًا بِــدِيكِ الصبــا
حِ فنقَّــرَ عينيــك فيمــا نقَــرْ
أَسَـال البيــاضَ، وسَــلَّ السَّـوَادَ
وأَوْغــلَ مِنقــارُه فــي الحُــفَرْ
فعُـــدْتَ كــأَنك ذو المَحْبِسَـيْــ
ــنِ، قطيـعَ القيـامِ، سَـلِيبَ البصَرْ
كــأَنّ الرّمــالَ عَــلَى جـانِبَيْــ
ــــكَ وبيـن يَـدَيكَ ذنـوبُ البشَرْ
كـــأَنك فيهــا لــواءُ الفضــا
ءِ عــلى الأَرضِ، أَو دَيدَبَـانُ القـدَرْ
كــأَنكَ صــاحبُ رمــلٍ يَــرى
خَبايــا الغيــوبِ خِــلال السَّـطَرْ
أَبــا الهــول، أَنـت نـديمُ، الزمـا
نِ، نَجِــيُّ الأَوانِ، سَــمِيرُ العُصُـرْ
بسَــطْتَ ذراعيْـــكَ مـــن آدمٍ
وولَّيــتَ وجــهَكَ شَــطرَ الزُّمَـرْ
تُطِــلُّ عــلى عــالَمٍ يســتهِلـ
لُ وتُــوفِي عــلى عـالَمٍ يُحْـتَضَرْ
فعيــنٌ إِلـى مَــنْ بــدا للوجـو
دِ، وأُخــرى مشــيِّعةٌ مــن غَـبَرْ
فحــدِّث، فقــد يُهتـدَى بـالحديــ
ــثِ، وخـبِّر، فقـد يؤتَسَـى بالخبَرْ
أَلــم تَبْــلُ فِرعَــوْنَ فـي عِـزِّهِ
إِلـى الشــمسِ مُعْتزيًــا والقمَـرْ؟
ظليــلَ الحضــارةِ فـي الأَولـيــ
ــنَ، رفيـعَ البِنـاءِ، جـليلَ الأَثـرْ
يؤسِّــسُ فــي الأَرضِ للغــابريـ
ـــنَ، ويغــرِسُ للآخـرِين الثَّمَـرْ
وراعـكَ مـا راعَ مـن خـيْلِ قَمْبـيـ
ــزَ، تــرمي سَــنابِكُها بالشَّـرَرْ
جــوارفُ بالنــارِ تغــزو البــلا
دَ، وآونـةً بالقَنَـــا المشْـــتَجِرْ
وأَبصــرْتَ إِســكندرًا فــي المَـلا
قَشِـيبَ العُـلا فـي الشـبابِ النَّضِـرْ
تبلَّـــجَ فـــي مِصــرَ إِكليلُــهُ
فلـمْ يَعْـدُ فـي الملْـك عُمْـرَ الزَّهَـرْ
وشـاهدتَ قيصـرَ، كـيف اسـتبــ
ـــدَّ، وكـيف أَذلَّ بمصـرَ القَصَرْ؟
وكــيف تجــــبّرَ أَعوانُـــه
وســاقوا الخـلائقَ سـوْقَ الحُـمُرْ؟
وكـيف ابتُلــوا بقليــلِ العـديــ
ـــدِ مـن الفـاتحين كـريمِ النفَـرْ؟
رَمــى تـاجَ قَيْصَـرَ رَمْـيَ الزُّجـا
جِ، وفَـلَّ الجــمُوعَ، وثَـلَّ السُّـرُرْ
فـــدَعْ كـــلَّ طاغيــةٍ للزمــا
نِ، فــإِنّ الزمـانَ يُقيــمُ الصَّعَـرْ
رأَيــتَ الدّيانــاتِ فــي نَظْمِهــا
وحـينَ وَهَــى سِــلْكُها وانتــثَرْ
تُشـادُ البيــوتُ لهــا كــالبرو
جِ، إِذا أَخَـذَ الطـرْفُ فيهـا انحسَـرْ
تَلاقــى أَساسًــا وشُــمَّ الجبــا
لِ، كمــا تتلاقــى أُصـولُ الشَّـجَرْ
وإيـــزيسُ خـــلْفَ مقاصيرِهــا
تخــطَّى الملـوكُ إِليهــا السُّــتُرْ
تضــيء عـلى صفحــاتِ السّـما
ءِ، وتُشْـرِقُ فـي الأَرضِ منها الحُجَرْ
وآبيسُ فــي نِـــيرهِ العـــالَمو
نَ، وبعــضُ العقــائدِ نِـيرٌ عَسِـرْ
تُسـاسُ بــه مُعْضِــلاتُ الأُمــو
رِ، ويُرجـى النعيـمُ، وتُخْشَـى سَـقَرْ
ولا يشــعُرُ القـــومُ إِلاَّ بـــه
ولــو أَخذتْـه المُــدى مـا شـعَرْ
يَقِــلُّ أَبــو المسْـكِ عَبــدًا لـه
وإِن صــاغَ أَحــمدُ فيــه الـدُّرَرْ
وآنَسْـــتَ موســـى وتابوتَـــه
ونــورَ العص، والوصايـا الغُـرَرْ
وعيســـى يَلُـــمُّ رداءَ الحيـــا
ءِ، ومــريمُ تجْــمَعُ ذيــلَ الخَـفَرْ
وعمــرو يســوقُ بمصـرَ الصِّحـا
بَ، وَيُزْجِـي الكتـابَ، ويحـدو السُّوَرْ
فكــيف رأَيــتَ الهُـدى، والضَّـلا
لَ، ودنيـا الملـوكِ، وأُخـرى عُمَـرْ؟
ونبْــذَ المُقَـوْقِسِ عهْــدَ الفُجــو
رِ، وأَخْـذَ المقــوقِس عهْـدَ الفَجَـرْ
وتبديلَــــه ظُلمَـــاتِ الضـــلا
لِ بصبْـحِ الهدايــةِ لمـّــا سَـفَرْ
وتأْليفَـــه القِبْــطَ والمســـلميـ
ـــنَ كمـا أُلِّفَـتْ بـالولاءِ الأُسَـرْ
أَبــا الهــولِ، لَـوْ لـم تكُـن آيـةً
لكــان وفــاؤك إِحــدى العِــبرْ
أَطلْـتَ عــلى الهــرميْن الوقــو
فَ، كثاكلـــةٍ لا تَـــريمُ الحُــفَرْ
تُرجِّــــي لبانيهمـــا عـــودةً
وكــيف يعــودُ الــرميم النَّخِـرْ؟
تجـــوس بعيــنٍ خِــلاَلَ الدّيـا
رِ، وتـرمي بـأُخرى فضـاءَ النَهَـرْ
تـــرومُ بمنفِيس بِيـضَ الظُّبــا
وسُــمْرَ القن، والخــميسَ الدُّثِـرْ
ومَهْــدَ العلــومِ الخــطيرَ الجـلا
لِ، وعهْــدَ الفنـونِ الجـليلَ الخَـطرْ
فـــلا تســتبينَ ســوى قريــةٍ
أَجَـــدّ محاســنُها مــا اندثــرْ
تكــادُ لإِغراقِهــا فــي الجــمو
دِ إِذا الأَرضُ دارتْ بهــا لــم تـدُرْ
فهــل مَــنْ يبلِّــغ عنّـا الأُصـو
لَ بــأَن الفـروعَ اقْتَـدَتْ بالسِّـيَرْ؟
وأَنَّـــا خَطَبْنــا حِســانَ العُــلا
وسُــقْنا لهــا الغــاليَ المدَّخَــرْ
وأَنَّـــا ركبْنــا غمــارَ الأُمــو
رِ، وأَنَّـا نزلْنــا إِلــى المؤتَمَــرْ
بكـــلِّ مُبيـــنٍ شــديدِ اللــدا
دِ، وكــلِّ أَريــبٍ بعيــدِ النظَــرْ
تطـــالبُ بـــالحقِّ فــي أُمــة
جــرى دَمُهــا دونــه وانتشَــرْ
ولــــم تفتخـــر بأَســـاطيلها
ولكـــن بدســـتورِها تفتخِـــرْ
فلـم يبـقَ غـيرُك مـن لـم يَخَـف
ولــم يبْـقَ غـيْرُك مـن لـم يَطِـرْ
تحــرَّكْ أَبــا الهَـولِ، هـذا الزمـا
نُ تحــرّك مـا فيـه، حـتى الحَجَـرْ
نَجـــيَّ أَبـــي الهــول آن الأوا
نُ، ودان الزمـانُ، ولانَ القـــدرْ
خَبَـــأْتُ لقــومِك مــا يســتقُو
نَ، ولا يَخبــأُ العَـذْبَ مثـلُ الحَجَـرْ
فعنـــدي الملـــوكُ بأَعيانِهـــا
وعنــدَ التـوابيتِ منهــا الأَثَــرْ
محــا ظلمـةَ اليـأْس صُبـحُ الرجـا
أحمد شوقي - مصر
أَبــا الهَـوْلِ، طـالَ عليـكَ العُصُـرْ
وبُلِّغْـتَ فـي الأَرْضِ أَقصـى العُمُـرْ
فيـا لِـدةَ الدَّهـرِ، لا الدّهـرُ شَـــ
ــــبَّ، ولا أَنت جاوزتَ حدّ الصِّغَرْ
إِلامَ ركـــوبُكَ متـــنَ الرمـــا
لِ لِطَـيِّ الأَصيـلِ وَجَـوْبِ السّـحَرْ؟
تُســـافر منتقــلاً فــي القــرو
نِ، فأَيّــان تُلْقــي غُبـارَ السَّـفرْ؟
أَبينــكَ عَهْـــدٌ وبيــن الجبــا
لِ، تـزولان فـي الموعـدِ المنتظـرْ؟
أَبــا الهــولِ، مــاذا وراءَ البقـا
ءِ - إِذا مـا تطـاولَ - غيرُ الضَّجَرْ؟
عجــبْتُ لِلُقمــانَ فــي حِرصِــه
عــلى لُبَــدٍ والنُّســورِ الأُخَــرْ
وشــكوى لَبِيــدٍ لطــولِ الحيــا
ةِ، ولـو لـم تَطُـلْ لتَشـكَّى القِصَـرْ
ولـو وُجِــدَتْ فيـكَ يـابنَ الصَّفـا
ةِ لحِـــقْتَ بِصـــانِعكَ المقتــدِرْ
فـإِن الحيـاةَ تفُــلُّ الحــديــ
ـــدَ إِذا لبِسَــتْهُ، وتُبْـلي الحجَـرْ
أَبـا الهـولِ، مـا أَنـتَ فـي المُعضِلا
تِ؟ لقـد ضلَّـت السُّـبْلَ فيـكَ الفِكَرْ!
تحـــيَّرَتِ البــدْوُ مــاذا تكــو
نُ؟ وضلَّـتْ بِـوادي الظنـونِ الحَضَرْ
فكــنتَ لهــم صــورةَ العُنْفُــوا
نِ، وكــنتَ مِثـالَ الحِجَـى والبصـرْ
وسِـرُّكَ فــي حُجْبِــه كلمــا
أَطلَّـتْ عليــه الظنــونُ اســتترْ
ومــا راعهــم غـيرُ رأْسِ الرجـا
لِ عــلى هيكـلٍ مـن ذوات الظُّفُـرْ
ولـو صُـوِّروا مـن نواحـي الطِّبـا
ع تَوالَــوْا عليــكَ سِـباعَ الصُّـوَرْ
فيـارُبَّ وجـهٍ كصـافي النَّمِـيــــ
ـــــرِ تشــابَهَ حامِلُـه والنَّمِـرْ
أَبــا الهــولِ وَيْحَــكَ لا يُسـتَقَلـ
لُ مــع الدهــرِ شـيءٌ ولا يُحـتقَرْ
تهـزّأْتَ دهــرًا بِــدِيكِ الصبــا
حِ فنقَّــرَ عينيــك فيمــا نقَــرْ
أَسَـال البيــاضَ، وسَــلَّ السَّـوَادَ
وأَوْغــلَ مِنقــارُه فــي الحُــفَرْ
فعُـــدْتَ كــأَنك ذو المَحْبِسَـيْــ
ــنِ، قطيـعَ القيـامِ، سَـلِيبَ البصَرْ
كــأَنّ الرّمــالَ عَــلَى جـانِبَيْــ
ــــكَ وبيـن يَـدَيكَ ذنـوبُ البشَرْ
كـــأَنك فيهــا لــواءُ الفضــا
ءِ عــلى الأَرضِ، أَو دَيدَبَـانُ القـدَرْ
كــأَنكَ صــاحبُ رمــلٍ يَــرى
خَبايــا الغيــوبِ خِــلال السَّـطَرْ
أَبــا الهــول، أَنـت نـديمُ، الزمـا
نِ، نَجِــيُّ الأَوانِ، سَــمِيرُ العُصُـرْ
بسَــطْتَ ذراعيْـــكَ مـــن آدمٍ
وولَّيــتَ وجــهَكَ شَــطرَ الزُّمَـرْ
تُطِــلُّ عــلى عــالَمٍ يســتهِلـ
لُ وتُــوفِي عــلى عـالَمٍ يُحْـتَضَرْ
فعيــنٌ إِلـى مَــنْ بــدا للوجـو
دِ، وأُخــرى مشــيِّعةٌ مــن غَـبَرْ
فحــدِّث، فقــد يُهتـدَى بـالحديــ
ــثِ، وخـبِّر، فقـد يؤتَسَـى بالخبَرْ
أَلــم تَبْــلُ فِرعَــوْنَ فـي عِـزِّهِ
إِلـى الشــمسِ مُعْتزيًــا والقمَـرْ؟
ظليــلَ الحضــارةِ فـي الأَولـيــ
ــنَ، رفيـعَ البِنـاءِ، جـليلَ الأَثـرْ
يؤسِّــسُ فــي الأَرضِ للغــابريـ
ـــنَ، ويغــرِسُ للآخـرِين الثَّمَـرْ
وراعـكَ مـا راعَ مـن خـيْلِ قَمْبـيـ
ــزَ، تــرمي سَــنابِكُها بالشَّـرَرْ
جــوارفُ بالنــارِ تغــزو البــلا
دَ، وآونـةً بالقَنَـــا المشْـــتَجِرْ
وأَبصــرْتَ إِســكندرًا فــي المَـلا
قَشِـيبَ العُـلا فـي الشـبابِ النَّضِـرْ
تبلَّـــجَ فـــي مِصــرَ إِكليلُــهُ
فلـمْ يَعْـدُ فـي الملْـك عُمْـرَ الزَّهَـرْ
وشـاهدتَ قيصـرَ، كـيف اسـتبــ
ـــدَّ، وكـيف أَذلَّ بمصـرَ القَصَرْ؟
وكــيف تجــــبّرَ أَعوانُـــه
وســاقوا الخـلائقَ سـوْقَ الحُـمُرْ؟
وكـيف ابتُلــوا بقليــلِ العـديــ
ـــدِ مـن الفـاتحين كـريمِ النفَـرْ؟
رَمــى تـاجَ قَيْصَـرَ رَمْـيَ الزُّجـا
جِ، وفَـلَّ الجــمُوعَ، وثَـلَّ السُّـرُرْ
فـــدَعْ كـــلَّ طاغيــةٍ للزمــا
نِ، فــإِنّ الزمـانَ يُقيــمُ الصَّعَـرْ
رأَيــتَ الدّيانــاتِ فــي نَظْمِهــا
وحـينَ وَهَــى سِــلْكُها وانتــثَرْ
تُشـادُ البيــوتُ لهــا كــالبرو
جِ، إِذا أَخَـذَ الطـرْفُ فيهـا انحسَـرْ
تَلاقــى أَساسًــا وشُــمَّ الجبــا
لِ، كمــا تتلاقــى أُصـولُ الشَّـجَرْ
وإيـــزيسُ خـــلْفَ مقاصيرِهــا
تخــطَّى الملـوكُ إِليهــا السُّــتُرْ
تضــيء عـلى صفحــاتِ السّـما
ءِ، وتُشْـرِقُ فـي الأَرضِ منها الحُجَرْ
وآبيسُ فــي نِـــيرهِ العـــالَمو
نَ، وبعــضُ العقــائدِ نِـيرٌ عَسِـرْ
تُسـاسُ بــه مُعْضِــلاتُ الأُمــو
رِ، ويُرجـى النعيـمُ، وتُخْشَـى سَـقَرْ
ولا يشــعُرُ القـــومُ إِلاَّ بـــه
ولــو أَخذتْـه المُــدى مـا شـعَرْ
يَقِــلُّ أَبــو المسْـكِ عَبــدًا لـه
وإِن صــاغَ أَحــمدُ فيــه الـدُّرَرْ
وآنَسْـــتَ موســـى وتابوتَـــه
ونــورَ العص، والوصايـا الغُـرَرْ
وعيســـى يَلُـــمُّ رداءَ الحيـــا
ءِ، ومــريمُ تجْــمَعُ ذيــلَ الخَـفَرْ
وعمــرو يســوقُ بمصـرَ الصِّحـا
بَ، وَيُزْجِـي الكتـابَ، ويحـدو السُّوَرْ
فكــيف رأَيــتَ الهُـدى، والضَّـلا
لَ، ودنيـا الملـوكِ، وأُخـرى عُمَـرْ؟
ونبْــذَ المُقَـوْقِسِ عهْــدَ الفُجــو
رِ، وأَخْـذَ المقــوقِس عهْـدَ الفَجَـرْ
وتبديلَــــه ظُلمَـــاتِ الضـــلا
لِ بصبْـحِ الهدايــةِ لمـّــا سَـفَرْ
وتأْليفَـــه القِبْــطَ والمســـلميـ
ـــنَ كمـا أُلِّفَـتْ بـالولاءِ الأُسَـرْ
أَبــا الهــولِ، لَـوْ لـم تكُـن آيـةً
لكــان وفــاؤك إِحــدى العِــبرْ
أَطلْـتَ عــلى الهــرميْن الوقــو
فَ، كثاكلـــةٍ لا تَـــريمُ الحُــفَرْ
تُرجِّــــي لبانيهمـــا عـــودةً
وكــيف يعــودُ الــرميم النَّخِـرْ؟
تجـــوس بعيــنٍ خِــلاَلَ الدّيـا
رِ، وتـرمي بـأُخرى فضـاءَ النَهَـرْ
تـــرومُ بمنفِيس بِيـضَ الظُّبــا
وسُــمْرَ القن، والخــميسَ الدُّثِـرْ
ومَهْــدَ العلــومِ الخــطيرَ الجـلا
لِ، وعهْــدَ الفنـونِ الجـليلَ الخَـطرْ
فـــلا تســتبينَ ســوى قريــةٍ
أَجَـــدّ محاســنُها مــا اندثــرْ
تكــادُ لإِغراقِهــا فــي الجــمو
دِ إِذا الأَرضُ دارتْ بهــا لــم تـدُرْ
فهــل مَــنْ يبلِّــغ عنّـا الأُصـو
لَ بــأَن الفـروعَ اقْتَـدَتْ بالسِّـيَرْ؟
وأَنَّـــا خَطَبْنــا حِســانَ العُــلا
وسُــقْنا لهــا الغــاليَ المدَّخَــرْ
وأَنَّـــا ركبْنــا غمــارَ الأُمــو
رِ، وأَنَّـا نزلْنــا إِلــى المؤتَمَــرْ
بكـــلِّ مُبيـــنٍ شــديدِ اللــدا
دِ، وكــلِّ أَريــبٍ بعيــدِ النظَــرْ
تطـــالبُ بـــالحقِّ فــي أُمــة
جــرى دَمُهــا دونــه وانتشَــرْ
ولــــم تفتخـــر بأَســـاطيلها
ولكـــن بدســـتورِها تفتخِـــرْ
فلـم يبـقَ غـيرُك مـن لـم يَخَـف
ولــم يبْـقَ غـيْرُك مـن لـم يَطِـرْ
تحــرَّكْ أَبــا الهَـولِ، هـذا الزمـا
نُ تحــرّك مـا فيـه، حـتى الحَجَـرْ
نَجـــيَّ أَبـــي الهــول آن الأوا
نُ، ودان الزمـانُ، ولانَ القـــدرْ
خَبَـــأْتُ لقــومِك مــا يســتقُو
نَ، ولا يَخبــأُ العَـذْبَ مثـلُ الحَجَـرْ
فعنـــدي الملـــوكُ بأَعيانِهـــا
وعنــدَ التـوابيتِ منهــا الأَثَــرْ
محــا ظلمـةَ اليـأْس صُبـحُ الرجـا