6ArH Community

نسخة كاملة : المجرة
أنت حالياً تتصفح نسخة خفيفة من المنتدى . مشاهدة نسخة كاملة مع جميع الأشكال الجمالية .
المجرة هي تجمعات هائلة الحجم تحتوي على مليارات النجوم والكواكب والأقمار والكويكبات والنيازك، وتحتوي كذلك على غبار كوني ومادة مظلمة، وبقايا نجمية، وتتخللها مجالات مغناطيسية مروعة، وكلمة مجرة مشتقّة من الجذر اللغوي «مجر» وتعني «كثير الدهم».

تتراوح أحجام المجرات وأعداد النجوم فيها بين بضعة آلاف في المجرات القزمة، إلى مائة ترليون نجم في المجرات العملاقة، وكلها باختلاف أحجامها تتخذ من مركز ثقل المجرة مداراً لها. وتُصنف المجرات بناءً على شكلها المرئي إلى ثلاث فئات رئيسة هي: الإهليجية، والحلزونية، وغير المنتظمة.

يُعتقد أن الكثير من المجرات تحوي ثقباً أسوداً هائلاً في نواتها النشطة، ودرب التبانة مثال على ذلك لوجود الثقب الأسود الهائل المسمى بـ«الرامي أ» في مركزها، وهو ذو كتلة أكبر من كتلة شمسنا بأربعة ملايين مرة. حتى شهر مايو عام 2015 تعتبر المجرة إي جي أس-زد أس 8-1 أبعد مجرة على الإطلاق بمسافة تبعد عنّا حوالي 13.1 مليار سنة ضوئية، وبكتلة تقدر بـ15% من كتلة درب التبانة.

يُعتقد أن هناك قرابة 170 مليار مجرة في الكون المنظور، لكن الاكتشافات العلمية الحديثة تخالف ذلك وتنبئ عن وجود عدة ترليونات من المجرات، على مسافات تصل إلى ملايين الفراسخ، وهذا اعتماداً على كتلة المجرة وحجمها.

الفضاء بين المجري مليء بغازات فضفاضة للغاية بكثافة تقدر بحوالي أقل من ذرّة واحدة لكل متر مكعب. أغلب المجرات تنتمي إلى عناقيد مجرية، وذلك بسبب تأثير الجاذبية عليها، وتتراكب بهذا الشكل حتى تُكوّن أكبر الهياكل والبُنى الكونية على الإطلاق وهي الخيوط المجريّة المحاطة بالفراغ.

أول المجرات المرصودة خارج درب التبانة هي مجرة المرأة المسلسلة، وكان ذلك عام 964 ميلادية، على يد عالم الفلك المسلم عبد الرحمن بن عمر الصوفي، تليها سحابة ماجلان التي رصدها العالم نفسه.

تم التراجع عن البحث الذي نشر في عام 2016 والذي كان يقول بأن عدد المجرات في الكون المرئي 200 مليار مجرة (2×1011) إلى 2 تريليون (2×1012) مجرة أو أكثر وهو مجرد اقتراح. أغلب المجرات يتراوح قطرها ما بين 1000 و100،000 فرسخ فلكي (حوالي 3000 إلى 300,000 سنة ضوئية).

للمقارنة، يبلغ قطر مجرة درب التبانة حوالي 30,000 فرسخ فلكي (حوالي 100,000 سنة ضوئية) وتبعد عن مجرة المرأة المسلسلة وهي أقرب مجرة لها بـ 780,000 فرسخ فلكي (حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية).

يتم تنظيم أو توزيع غالبية المجرات على شكل تجمع مجري، وهما نوعان تجمع عنقود مجري وتجمع عنقود مجري هائل.

تعد درب التبانة جزء من المجموعة المحلية، التي تهيمن عليها درب التبانة والمرأة المسلسلة وهي جزء من عنقود مجرات العذراء العظيم. أكبر المجرات التي تم التعرف عليها تتواجد في تجمع عنقود مجري هائل وسميت عنقود لانياكيا، والتي تحتوي على عنقود مجرات العذراء العظيم.

تحرير اللفظ

مجرة المرأة المسلسلة
كلمة مجرة مشتقة من جذر لغوي عربي هو «مَجَرَ» ويعني الكثير والدّهم، وقيل مَجِرَتِ الشاة مَجراً وأمْجَرَتْ وهي تُمْجِر إذا عظُم ما في بطنها وانتفخ وأصابها الهزل بسببهِ فلم تعد تطيق القيام به، وقال أحد الأعراب:

تَعوي كِلابُ الحي من عُوائها وتَحْمِلُ المُمْجِرَ في كِسائها - أعرابي.
ومنه قيل جيشٌ مَجْرُ أي كثيرٌ جداً، وقال الأصمعي: المُجْر بالتسكين تعني الجيش العظيم المجتمع. وقال ابن نباتة السعدي (327هـ):
وكم في المَجرّة من أنجُم لفَرطِ التقارب لم تُحْسَسِ

اكتشفت المجرات في البداية بواسطة جهاز التلسكوب وتعرف باسم السدم الحلزونية. اعتبرها معظم علماء الفلك في القرن الثامن عشر حتى القرن التاسع عشر إما تجمعات نجمية لم يتم حلها أو سديم مغمور، وكان يُعتقد أنها مجرد جزء من درب التبانة، لكن تكوين المجرات وطبيعتها الحقيقية ظلت لغزًا.

بدأت الملاحظات التي تستخدم تلسكوبات أكبر لعدد قليل من المجرات الساطعة القريبة، مثل مجرة المرأة المسلسلة حيث أصبحت في تجمعات ضخمة من النجوم، ولكن استنادًا إلى الإغماء الظاهر والعدد الهائل من النجوم، فإن المسافات الحقيقية لهذه الأشياء وضعتهم بعيدًا عن درب التبانة.

التسمية

مجرة مسييه 66، مجرة العين السوداء تقع في كوكبة الهلبة وتبعد عن الأرض 19 مليون سنة ضوئية.
صُنِفَت وفُهرِسَت عشرات الآلآف من المجرات، ومع ذلك فإن قليلاً منها حظيت على اسمٍ تنفِرد به، مثل مجرة المرأة المسلسلة، وسحابة ماجلان، ومجرة الدوامة، وومسييه 104. وذلك لأن الفلكيين في تصنيفاتهم يستخدمون أرقاماً ورموزاً معينة لكل مجرة بدلاً من التسميات التقليدية، ومثال هذه التصنيفات: فهرس مسييه، والفهرس العام الجديد (NGC)، فهرس المجرات وعناقيد المجرات (CGCG) وتصانيف أخرى.

تظهر جميع المجرات المشهورة في كل أو في أحد هذه التصنيفات، ولكنها في كل مرة تتوسّم برقم مختلف عن الآخر، فعلى سبيل المثال: المجرة الحلزونية مسييه 109 تحمل نفس الرقم في فهرس مسييه، لكن في الفهارس الأخرى فهي تحمل هذه الأرقام: NCG3992 أو CGCG6937 وهكذا.

من المتعارف عليهِ في الوسط العلمي إطلاق الأسماء على ما يتم دراسته إن لم يكن لهُ اسم، مهما صَغُر أو كَبُر هذا الشيء المدروس. ولأجل ذلك، قام جيرارد بوديفي وميشيل بيرجر بإنشاء نظام فهرسي جديد فهرسوا فيهِ قرابة الألف مجرة، وأطلقوا على كل واحدة منها اسم خاص بها بعيداً عن الرموز والأرقام، وهذه الأسماء مستقاة من اللغة اللاتينية (وبشكل أدق من اليونانية المنطوقة باللاتينية)، وذلك بابتداع خوارزمية مصطلحية يُستخدم فيها اسم موجود مسبقاً في أحد أفرع العلوم الأخرى كعلم الأحياء، وعلم التشريح، وعلم الأحياء القديمة، وغيرها، ومن ثم يطلق الاسم على المجرة. وهناك من جادل دفاعاً عن هذه الفكرة بأن المجرات ذوات أحجام فائقة وعملاقة لذا فهي تستحق اسماً بدلاً من أرقام لا معنى لها، ومثال لهذه التسمية هي مجرة مسييه 109 التي حصلت على الاسم كالامورفيس أورسي مجوريس، في حين يرى آخرون أن هذه التسميات لا معنى لها وتسبب نوعاً من احتكار الأسماء على لغات مندثرة أصلاً، وهذا ناتج عن الضعف الشديد في المصطلحات الذي تعاني منه اللغة الإنجليزية مقارنة ببعض اللغات مما يدفع الناطقين بها إلى اجترار الألفاظ من عصور سحيقة وإطلاقها على المكتشفات العلمية الحديثة.

التاريخ الرصدي
إدراك أن الإنسان يعيش في «مجرة» هي واحدة من مليارات المجرات قد أتى بالتوازي مع الاكتشافات العظيمة للفلك والمجرات ولدرب التبانة نفسها وللسدم كذلك.

درب التبانة
المقالة الرئيسة: درب التبانة

درب التبانة التي لطالما حيرت حقيقتُها الفلاسفة والفلكيين القدماء.
افترض الفيلسوف الإغريقي ديموقريطس (450 قبل الميلاد) أن الحزام العريض في سماء الليل قد يكون نجومًا موجودة على مسافات بعيدة، أما أرسطو (384 قبل الميلاد) فقد اعتقد بأن درب التبانة، أو الضوء الظاهر على شكل شريط في الليل قد يكون نتيجة «اشتعال الزفير الناري» لنجوم كبيرة وذات أعداد كثيرة وقريبة من بعضها البعض، ويعتقد أن هذا الاشتعال يحدث في الطبقة العليا من الغلاف الجوي، أي أقرب من القمر، وهي «تلك البقعة من العالم التي تتضمن النشاطات الثقيلة في الكون كلها».

في حين أن للأفلاطوني المحدث أولمبردس الصغير (495 بعد الميلاد) انتقادا لرأي أرسطو يجادل فيهِ بأنه لو كانت درب التبانة في تلك المنطقة التي يزعمها أرسطو (والتي تقع بين الأرض والقمر) فإنه يجب مشاهدتها بشكل مختلف مع اختلاف الأزمان والأماكن على الأرض، وبالتالي فإنها يجب أن تتضمن نوعاً من التزيح يمكن ملاحظته، لكن من الواضح أنها لا تشتمل عليه، لذا فمن وجهة نظره درب التبانة «سماوية».

بعد ذلك فإن أول المحاولات لقياس ورصد التزيح الخاص بدرب التبانة بشكل فعال وعلمي بعيداً عن الفلسفة قد بدأت على يد عالم الفلك العربي ابن الهيثم، واستنتج بعد عدة محاولات بأن درب التبانة لا تحتوي على تزيح، لذا فإنه يترتب على ذلك أنها بعيدة جداً عن الأرض، وليست في غلافها الجوي، وبهذا أبطل ابن الهيثم بشكل علمي هذه المرة مزاعم أرسطو التي كانت سائدة قرابة 1500 عام فيما يتعلق بهذا الشأن، وبالتالي فتح آفاق هذا العلم لكل علماء الفلك من بعده.

أما العالم الفلكي البيروني فقد افترض بأن درب التبانة هو «تجمعات غير معدودة من قطع نجمية تشكلت من السدم»، وهذا أدق وأقوى الأقوال القديمة على الإطلاق لأنه موافق تماماً لما اكتشف حديثاً من أن النجوم تولد من خلال تراكم سُدم غازية وغبارية، أما الفلكي الأندلسي ابن باجة فقد افترض بأن درب التبانة «هو تجمعات نجمية هائلة العدد وقريبة جداً من بعضها البعض حتى تكاد أن تتلامس، وتبدو في صورة ثابتة ولا تتغير بسبب تأثيرات الانكسار الناتجة من المواد تحت القمرية» مسنداً قوله إلى حالة الاقتران بين المريخ والمشتري كدليل على حصول ذلك عندما يقترب جرمان من بعضهما البعض، أما ابن قيم الجوزية فقد جادل بأن «لا يلزم عدم إدراكنا شيئاً من الكواكب في الفلك الأعظم عدم تلك الكواكب» وهذا كله عائد في نظر ابن القيم إلى ضعف القوى الباصرة في ذلك الزمان، وهذا القول على الرغم من بساطتهِ إلى أنه صحيح تماماً في وقتنا الحالي لأن الكثير كان يعتقد أن الكون مركب من النجوم والكواكب المشاهدة بالعين فقط ولا يوجد سواها، بينما وضح وأشار ابن القيم إلى وجود نجوم أكثر في أغوار الكون لكن لا نستطيع مشاهدتها لضعف قدرة البصر.

أي أن العلماء العرب والمسلمين هم أول من أكتشف المجرة، وأول من بدأ يتأمل في ماهيتها وذلك في وقت متقدم جداً عن العلم الحديث. بالإضافة إلى أن نقض أقوال الفلاسفة السابقين بشكل علمي أدى إلى تحريك علم الفلك من الجمود الذي كان يعانيه طوال 1500 سنة، خصوصاً ابن الهيثم الذي أثبت بالدليل القاطع عدم صحة قول أرسطو بأن المجرة تقع بين الأرض والقمر.


شكل درب التبانة كما تم تقديره بواسطة وليام هيرشل في عام 1785
في عام 1610 عرض غاليليو غاليلي دليلاً ملموساً على وجود المجرة وأن درب التبانة تحتوي على أعداد كبيرة من النجوم، وذلك باستخدام مقراب بصري، حيث اكتشف أنها تحوي على أعداد هائلة من النجوم الخافتة، ثم في عام 1750 تصور الفلكي البريطاني توماس ريت أن درب التبانة هو تجمع كبير جداً من النجوم التي تدور حول مركز ثقالة خاص بها (هذا التصور ينطبق مع العلم الحديث)، وذلك بنفس الآلية الخاصة بالمجموعة الشمسية ولكن على نطاق أكبر بكثير، والقرص الناتج بسبب النجوم يمكن أن يشاهد على شكل موجة من منظور الأرض بسبب موقعها داخل القرص، وفي عام 1755 كَتَبَ إمانويل كانت مقالة مفصلة ليشرح ويدقق رأي توماس في بنية درب التبانة.

إن أول مشروع جعل من وصف شكل درب التبانة وتحديد موقع الشمس هدفاً لهُ قد تولاه وليام هيرشل في عام 1785، وذلك عن طريق حصر أعداد النجوم في المناطق المختلفة من السماء. تمخض عن هذا المشروع رسم بياني لدرب التبانة تقع الشمس في منطقة قريبة من منتصفهِ، وفي عام 1920 قام ياكوبس كابتين باستخدام نهج مشابه لنهج هيرشل فتوصل إلى إخراج صورة عن درب التبانة تبدو فيها إهليجية وحجمها يبلغ قرابة 15 ألف فرسخ فلكي، وتقبع الشمس على مقربة من المنتصف كذلك. ومن الجدير بالذكر أن كِلا المشروعين لا يصفان الشكل الفعلي للمجرة، لا من حيث موقع الشمس ولا من حيث حجم المجرة.

وهناك مشروع آخر قام به هارلو شابلي مستخدماً آلية تعتمد على فهارس العناقيد المغلقة، توصل شابلي إلى تصور مختلف تماماً عن سابقيه يكون فيه درب التبانة هو قرص مستوي قطره قرابة 70 ألف فرسخ فلكي وتكون الشمس بعيدة عن المنتصف، لكن كل هذه المشاريع لم تأخذ خاصية تشتت الضوء بسبب الغبار الكوني في الحسبان، والذي يتواجد في الاستواء المجري، لكن عندما تم تقدير هذا التأثير وإعطاؤه أهميته تغيرت الصورة تماماً، حيث قام روبيرت ترومبلر بوضع هذا التأثير في قياساتهِ عام 1930، وذلك من خلال دراسة العناقيد المفتوحة، حينها فقط انبثقت الصورة الحديثة لمجرتنا وعليها بدأت تُبنى التصورات الحالية.
موضوع جميل وممتاز اخي سامي به معلومات اول مرة اشوفها استمر